ترجمة حمد العيد
من المحتمل أنك سمعت عن أناسٍ يصفون أنفسهم أنهم “يميني الدماغ” أو “يساري الدماغ”، فتجد أصحاب المخ اليساري يتبجحون بمهاراتهم في الرياضيات وتجد أصحاب المخ اليميني يروجون لقدرتهم على الابداع. وذلك بسبب أن المخ ينقسم في وسطه إلى فصين نصف كرويين، وكل نصفٍ يقوم بأداء مجموعةٍ من العمليات المختلفة تماماً.
إن كثيراً مما هو معروفٌ عن وظائف الدماغ يرجع لـ”روجر سبيري”، والذي فحصت تجاربه طريقة عمل نصفي الدماغ البشري بشكلٍ مستقلٍ وفي انسجامٍ مع بعضهما البعض. فالنصفين يتناقلان المعلومات كالملاحظات الحسية لبعضهما البعض عبر “الجسم الثفني” السميك الذي يربطهما.
النصف الأيمن للمخ يتحكم بعضلات الجزء الأيسر للجسم، في حين أن النصف الأيسر للمخ يتحكم بعضلات الجزء الأيمن للجسم. فعندما تغمز بعينك اليمنى، ذلك عمل الجزء الأيسر للمخ. ولهذا عندما يتضرر جانبٌ واحدٌ من الدماغ فإن ذلك سيؤثر على الجانب الآخر للجسم بسبب هذا التوصيل المتقاطع.
بشكلٍ عام، النصف الأيسر للمخ مسيطرٌ في اللغة: يحلل ما نسمعه ويتعامل مع معظم مهام التحدث. كما أنه مسؤولٌ أيضاً عن تنفيذ الحسابات الرياضية الدقيقة والمنطق كذلك. فعندما تحتاج لاسترجاع حادثةٍ ما، فإن مخك الأيسر يسحبها من ذاكرتك.
إن النصف الأيمن للمخ مسؤولٌ بشكلٍ رئيسيٍ عن القدرات المكانية، التعرف على الوجه والموسيقى. كما إنه يقوم ببعض العمليات الحسابية، ولكنها مجرد مقارناتٍ وتقديراتٍ تقريبيةٍ. كما يساعدنا الجانب الأيمن للمخ في إدراك التصوير المرئي ويجعل ما نراه شيئاً ذو معنى. كما أن له دوراً في اللغة، خصوصاً في تفسير النصوص ونبرات الأشخاص.
أما عن كون الشخص “يميني المخ” أو “يساري المخ” أو حتى أيمن اليد أو أعسر اليد فإن استخدامات وتفضيلات مقطعي الدماغ أكثر تعقيداً بكثيرٍ من معادلة اليسار ضد اليمين فقط. فعلى سبيل المثال، بعض الأشخاص يرمون الكرة بيدهم اليمنى لكنهم يكتبون بيدهم اليسرى.
إن الدماغ يوازن بعنايةٍ التحكم بوظائف معينة لكل جانب ويعيَنها، إنها طريقة الطبيعية للتأكد من أن الدماغ يوزع المهام لزيادة الكفاءة لأقصى حد. إن أغلب الأشخاص يستخدمون اليد اليمنى والتي يتحكم بها الجانب الأيسر للمخ.
قال البروفيسور ستيفن ويلسن من كلية لندن الجامعية لموقع لايف ساينس: “إن عدم تماثل الدماغ أمرٌ جوهريٌ لوظيفة الدماغ السليم”، وهو موقع شقيقٌ لـ”ألغاز الحياة الصغيرة”. وأكمل قائلاً: “إن عدم التماثل يسمح لجانبي الدماغ بأن يصبحا متخصصين، مما يزيد من سعة عملياتهما ويمكنهما من تجنب حالات التعارض حيث يحاول كلاً من جانبي الدماغ أخذ المسؤولية.”
المصدر (livescience)
روجر سبيري Roger Sperry
الجسم الثفني corpus callosum
ستيفن ويلسن: Stephen Wilson
كلية لندن الجامعية: University College London
لايف ساينس: Live Science
Latest posts by السعودي العلمي (see all)
- “الاتصال العلمي ١٠١”: دروس من رحلة الكويت - أبريل 20, 2017
- تغطية خاصة: دورة “الإتصال العلمي ١٠١” من الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم - أبريل 17, 2017
- الأديان البدائية والفصام النفسي: علاقةٌ تطوريةٌ مثيرةٌ - ديسمبر 22, 2016