بقلم: لينة ناصر
“مبروك إنه ولد / بنت! “
العبارة الشهيرة التي تسمع عندما يولد الجنين، ربما لم تعد شائعة كما في السابق بعد اختراع تقنيات التصوير للأجنة ولكن لهذه العبارة معنى رمزي عميق. إن أول ما يُوصف به الطفل هو جنسه و نوعه الإجتماعي (الجندر) اللذان يراهما المجتمع متصلان ببعضهما.
بناء على التعيين السابق، يحدد اسم الطفل، وماذا سيلبس، وكيف ستتم معاملته و إن كان بالمستقبل سينجذب للإناث أم الذكور. بالمختصر، مسرى حياة هذا الطفل يحدده التعيين السابق للجنس و الجندر، بالطبع من خلال الأعضاء التناسلية الظاهرة.
ولكن السؤال هل فعلاً هذه الطريقة “صحيحة” و هل تراعي الجميع ؟ ماذا عمن يولدون بأعضاء مختلطة، أو يجيء جسمهم و دماغهم حقيقة غير تلك التي ظهرت من خلال أعضائهم التناسلية؟
ما الذي يجعل الإنسان “ذكراً” أو ” أنثى”؟ هل هو فقط النموذج التكاثري ؟
كلنا – كأجنة- نولد كإناث. يوجد برنامج افتراضي لتطور الجنين هو أن يتطور كأنثى، إلى أن تتدخل الأندروجينات (الهرمونات الذكورية) وتقوم بتعديل مسار البرنامج. أي أن ما يحدد كيف سيتطور الجنين هي الهرمونات الجنينية Prenatal Sex-Hormons في الأسبوع الثامن من الحمل. إن أفرزت الأندروجينات ستكون أعضاءاً تناسلية “مذكرة”، وإن لم تفرز لسبب عدم وجود كروموسوم Y واي، أو لعدم وجود حساسية بخلايا الجنين لهذه الهرمونات فإن التشكل Morphology سيكون “مؤنثاً”. في الأسبوع السابع و العشرين (أو ما بعد) تفرز الهرمونات الذكرية مرة أخرى لتكون “جنس الدماغ” في عملية بالغة التعقيد، و ربما لا تفرز في تلك المرحلة نتيجة لمقاومة جسم الأم لهذه العملية. إن كان كذلك فإن الهوية الجنسية للجنين ستكون أنثوية (كما هو افتراضي) وإن كان الشكل ظاهري ذكراً، و قد يحدث العكس إلا أن الأمر هذا نادر مقارنة بالحالة الأولى. أيضاً قد يحصل خلل في كمية الهرمونات، فيصبح لدينا “طيف” من الصفات الجنسية و/أو الجندرية (التفاعل النفسي الاجتماعي Psychosocial والنفسي الجنسي Psychosexual).
عند الولادة ينظر الطبيب، ليرى طفلاً بحالة صحية ممتازة، ثم ينظر إلى ما بين رجلي الطفل، فإن وجد تركيباً تم التعارف عليه مجتمعياً أنه للذكور فقط (القضيب الذكري والخصيتين) من المستحيل وقتها معرفة جنس دماغ هذا الطفل، ولا يبدو أن أحداً يكترث، فوجود هذه الأعضاء كاف تماما “للحكم” على الطفل بالعيش ب” الذكورة” أو طبعاً العكس. بالطبع يوجد للأطباء ما يستطيعون تبرير فعلتهم به وفق النموذج التكاثري، كما أن هذه الطريقة ناجحة بنسبة 98.5 % من الأحيان، و إن لم يعجبهم ما رأوا يمكنهم أن يقوموا “بتصحيحه” لكي يجبروا هذا الطفل للانصياع للأنموذج التكاثري، فهم كالمجتمع لا يحبون المتمردين!
ما هو بالضبط “تغاير النوع الإجتماعي” ؟
وفق للاصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-V، فإن المصطلح ” اضطراب الهوية الجنسية” Gender identity disorder مصطلح غير مناسب، لأنه يوحي بأن الأعراض التي يظهرها من شخصوا به ذات أصل مرضي. ولكنها في الحقيقة مرتبطة بالمجتمع نتيجة لمعاملتهم على عكس هويتهم الجنسية ذات المنشأ التكويني. لذلك اعتمد المصطلح Gender Dysphoria كمصطلح بديل، و الذي يعني حرفياً “تعاسة الجندر”. أما استخدامنا للمصطلح “تغاير النوع الإجتماعي”، فهو ترجمة اجتهادية مبنية على المفهوم وراء هذه الحالة التشخيصية (الغير مَرَضيّة).
يمكن تلخيص العلامات الأساسية لتغاير الهوية الجنسية عند الأطفال بالفقرة التالية :
“يظهر الأطفال من سن الثانية، العلامات الأولى لتعاسة الجندر، بإظهار عدم راحتهم تجاه الجندر الذي عينوا فيه، أو أعضائهم التناسلية. مثل رفض التبول واقفاً أو الرغبة بذلك. تفضيل أصدقاء اللعب من نفس هويتهم الجنسية. تفضيل ألعاب أونشاطات أو ملابس التي يعتبرها المجتمع مرتبطة بالنوع الذين يرون أنفسهم ينتمون له. يظهر أحياناً الأطفال علامات الاكتئاب والتوتر أو العزلة الاجتماعية نتيجة لهذا. في بعض الأحيان يقوم الأطفال بإيذاء أنفسهم رغبة في التخلص من أعضائهم التناسلية” يتميز الأطفال متغايري النوع الإجتماعي عن الأطفال الذين يقومون بلعب دور الجنس الآخر أن الأخيرين لا يظهرون علامات عدم السعادة و الاكتئاب أو الرغبة الملحة ليراهم الجميع بالجنس الذين “ينتمون له”.
أما عند البالغين فتكون الأعراض:
” في غالبية الأحيان، و نتيجة للضغوط الإجتماعية، فإن أعراض تعاسة الجندر ستختفي شكلياً عن الأطفال قبل المراهقة، و تصبح غير ظاهرة، ولكنها تسوء في واقع الأمر حيث يلجأ الطفل حينها إلى كره الذات، أو إيذاء الذات، أو الإنتحار، أو تكوين اضطرابات نفسية مرافقة مثل الإضطراب الوجداني ثنائي القطب Bipolar disorder أو اضطراب القلق المزمن chronic anxiety disorder. عند القليل قد تظل ظاهرة أيضاً. عند البلوغ غالباً ما تعود مظاهر تعاسة الجندر، حيث تتمثل، بكره المظاهر الجنسية الثانوية والأولية. يوجد غالباً خيالات مترافقة مع جنسانية مغايرة للجنس البيولوجي (الحيوي)، وعزلة اجتماعية. الرغبة الملحة بالعيش اجتماعياً كالجنس البيولوجي مع الدور الإجتماعي المقابل.
ما تتميز به العلامات أن الشخص (يعرّف) نفسه أنه فعلاً من الفئة الجندرية المغايرة لجنسه الظاهر (أو الدور الاجتماعي في حال تغير الصفات الجنسية). قد تتفاقم الأعراض لتمنع الفرد من ممارسة حياته الطبيعية و التواصل الاجتماعي مع العالم، و ترقى إلى نشوء اضطرابات نفسية مرافقة، وربما تقود إلى الانتحار. الجدير الذكر أن المصابين بتعاسة الجندر من الفئات الأعلى في نسب الانتحار أو الإقدام عليه مقارنة بالمقياس، حيث تصل إلى 6-9 مرات ضعف المعدل الطبيعي، مما يتفوق على من يشخصون بالإضطراب الوجداني ثنائي القطب أحياناً.
ما العلاج ؟
طبعاً، لا يوجد علاج لتعاسة الجندر لأنها ليست حالة مرضية، و بالطبع لن يختار أحد أن يمر بهذه المعاناة! تغاير النوع الإجتماعي ليس مرتبطاً بالميول الجنسية، ولا بالعروض الفنية التي يلعب بها الشخص دور الجنس الآخر أو ما شابههما. الأشخاص المتغايري النوع الإجتماعي لهم هوية جنسية غير متوافقة مع الجنس و الدور الإجتماعي الذين عينوا فيه، و عدم التوافق هذا هو ما يسبب الأعراض السابقة. بالتالي لتخليصهم من تلك المعاناة، المجتمع هو المسؤول الأول، فالجندر هو 90% متعلق بالمجتمع. قد يتدخل الطب لمساعدتهم أيضاً على التخلص من عدم التوافق (بالعلاج الهرموني و الجراحي) حيث تجرى عمليات (موافقة الجندر Sex reassignment) بعد فترة من العلاج الهرموني (18 شهراً) وذلك لموافقة الصفات الجنسية الأولية و الثانوية للفرد مع هويته الجنسية. يقوم الطب النفسي بمساعدة الفرد على التغلب على المصاعب اليومية – بسبب المجتمع- و التأقلم على الدور الإجتماعي و فهم الذات.
الجدير بالذكر أن هذه التدخلات الطبية لا تجري بشكل اعتباطي كما يظن الكثيرون، يوجد في المراجع أسس علمية للقيام بها. و بالفعل تنجح تلك العلاجات بنسبة كبيرة في القضاء على أغلب أعراض تعاسة الجندر و تخفض نسب الإنتحار لنسب أعلى قليلاً ( ولكنها قريبة للغاية) من المعدل الطبيعي.
المصادر:
- Coleman, E., Bockting, W., Botzer, M., Cohen-Kettenis, P., DeCuypere, G. R. E. T. A., Feldman, J., & Zucker, K. (2012). Standards of care for the health of transsexual, transgender, and gender-nonconforming people, version 7.International Journal of Transgenderism, 13(4), 165-232.
- American Psychiatric Association. (2003). Diagnostic and statistical manual of mental disorders: DSM-V draft/prepared by the Task Force on Nomenclature and Statistics of the American Psychiatric Association. American Psychiatric Association.
- Haas, A. P., Eliason, M., Mays, V. M., Mathy, R. M., Cochran, S. D., D’Augelli, A. R., … & Clayton, P. J. (2010). Suicide and suicide risk in lesbian, gay, bisexual, and transgender populations: review and recommendations.Journal of homosexuality, 58(1), 10-51.
- Van Kesteren, P. J., Asscheman, H., Megens, J. A., & Gooren, L. J. (1997). Mortality and morbidity in transsexual subjects treated with cross‐sex hormones. Clinical endocrinology, 47(3), 337-343.
- Cohen-Kettenis, P. T., & Pfäfflin, F. (2010). The DSM diagnostic criteria for gender identity disorder in adolescents and adults. Archives of sexual behavior,39(2), 499-513.
- Hines, M., Brook, C., & Conway, G. S. (2004). Androgen and psychosexual development: Core gender identity, sexual orientation, and recalled childhood gender role behavior in women and men with congenital adrenal hyperplasia (CAH). Journal of sex research, 41(1), 75-81.
- Zhou, J. N., Hofman, M. A., Gooren, L. J., & Swaab, D. F. (1995). A sex difference in the human brain and its relation to transsexuality. Nature, 378
- Bao, A. M., & Swaab, D. F. (2011). Sexual differentiation of the human brain: relation to gender identity, sexual orientation and neuropsychiatric disorders.Frontiers in neuroendocrinology, 32(2), 214-226.
- Garcia-Falgueras, A., & Swaab, D. F. (2008). A sex difference in the hypothalamic uncinate nucleus: relationship to gender identity. Brain, 131(12), 3132-3146.
لقائمة موسعة بمصادر أخرى يمكنكم مراجعة الرابط:
http://aebrain.blogspot.com/p/transsexual-and-intersex-gender-identity.html
مقال جيد برافو لينا .. اللي حابة أقولو بهالخصوص إنو في وعي جديد بموضوع الهوية الجندرية بالعالم وحتى بمجتمعاتنا وبتمنى نوصل ليوم يصير فيه العلاج والمساعدة والدعم النفسي أهم بالنسبة لبقية أفراد المجتمع من التحليلات السلوكية الخاطئة والجائرة واللي هي السبب الأول للتعاسة الجندرية .. مع كامل حبي وتقديري
هذا يفسر لحد ما سبب وجود الثدي الضامر عند الرجال وفائدة ذلك للبعض منهم في مسألة الملاءمة
نريد مقالات تغطي موضوع المثلية الجنسية بأكبر قدر ممكن
يلاحظ وجود شباب مستقيمين في كل أمور حياتهم ومبدعين وظاهرهم ينم عن طبيعة سليمة ثم يكشف فجأة أن لهم ميول جنسية نحو شباب آخرين ويمارسون معهم الجنس من وراء الكواليس مما يصدم من تصله تلك المعلومة عنهم من أهلهم أو ممن يعرف استقامتهم, هل لذلك تفسير علمي وهل ينم عن مرض نفسي
كون الإنسان يولد بأمر معين لا يعني أن هذا ليس خلل أو ليس مرض، و لا يعني إضطهاده، كما لا يعني القبول أو التكيف مع هذا، المطلوب بكل بساطة العلاج ليعود الامر لخطه المستقيم، فلو ولد أحدهم بخلل معين فإننا نساعده و لنعالجه ليصبح طبيعيا و يعيش عيشا طبيعيا.
من يتخيل ان هذا كله يبرر للمثلية بتطبقاتها و يجعلها أصلا فهذا خطأ. العلم وظيفته بحث واقع الامور، و أما التعاطي مع الامور بعد ذلك مرده شرع الله تعالى.
السلام عليكم
اخواني هل هناك علاج نفسي حقيقي مجرب ،، لحل اضطراب الهوية
وكم بالمئة ..وان كان كذالك فلما فلما التدخل الجراحي
اضطراب الهويه الجنسيه مستحيل تتعالج نفسياً لأنها مو من الامراض النفسيه هذا عيب خلقي بالدماغ
الحمدلله ان في وعي بهذا الموضوع .. فيني هذا الخلل وكل مره ابحث عن علاج له في السعودية لعل وعسى احد يتخذ اجراء و يعطينا قرار لعلاجنا من هاذا المرض القاتل الصامت . كل يوم عن يوم بيقل وزني و وجهي يزداد شحوبه و صدري تزيد اثقاله من الهموم . الى متى وحنا غاضين الطرف عن مثل هذي الحالات ارحمونا . احنا اذا اتعالجنا مرح نكون مثل الأجانب كحول وفساد و لا عليهم . لا احنا انولدنا مسلمين و بنضل مسلمين حتى بعد العلاج . بالعكس راح نتمسك بديننا اكثر لأنه دين الرحمه دين اليسر و اللين . اذا مالقيت العلاج في ديني و بلدي وين اروح و ألجأ لبلد مسيحي او كافر لعلاجي ! والله لو عرفت ان علاجي حلال مئه بالمئه لأقدمت ع العلاج وواجهت جميع اهلي ومجتمعي. لكني إلى الان اخاف يكون ولو لنسبه قليله حرام! يارب يسر لنا امر العلاج .ياللي قريت اذكرني بدعوة ….
ما تدروا قد ايش معاناتنا واحنا نطالب بحقوقونا ونروح لدكاترة في مستشفيات كثيرة ويقولولنا ما نقدر نسوي شي ولا يصرفونا وقد ايش فيه مننا معنفين اسريا عشان مو قادرين نكون الي هما يشوفوه وقد ايش نتمنى الزواج بالحلال بعيدا عن الحرام ولكن عدم توافق عقلنا مع جسدنا وعدم وجود اي دعم لقضيتنا وتصحيح اوراقنا ما نقدر نعمل شي وللاسف نجلس محتجزين في سجن جسمنا عشان مجتمع لا يقرا ولا يفهم وللمعلومية الشيخ بن باز رحمة الله عليه افتى في حالتنا واجاز تصحيح جنسنا الموافق لعقلنا وموجودة الفتوى في موقع دار الافتاء السعودي وللاسف وزارة الصحه مطنشه قضيتنا لصالح انها تريح راسها على حسابنا
ارجوا من كل واحد يتثقف والي يقدر يساعد قضيتنا باي طريقة ويريحنا من العذاب الي احنا فيه ما تتخيلوا كمية الاجر الي حتحصلوه ان شاء الله من الي في حالاتنا واحنا حالات كثيرة مستنية ربنا يفرجها علينا وبمساعدتكم كمان
مقال اكثر من رائع
المعناه الي نعيشها كبيره جدا سوا نفسيه او من ناحية اجتماعيه و من ناحية التواصل احنى محنى قادرين نعيش حياتنا كذكور مثل ما نشعر بداخلنا و لا قادرين نعيش كإناث كما هو جسدنا الخارجي حنا مو بويات و لا مسترجلات نحن ذكور مسجونين بداخل الجسد لنا حق العيش و لنا حق التعليم و لنا حق الزوج مثل الناس الاسوياء لنا حق العيش بكرامه رجل محفوظه و لهم حق العيش بكرامة الانثى المحفوظه ، اتمنى ان المجتمع الخليجي و العربي يتطلع على هذه الامور كفاكم جهلاً بما يدور حولكم كفاكم تجاهل لحالاتنا .
انا اعاني من اضطراب الهويه الجنسيه وابلغ من العمر ٥٠ عام وانا سجين جسد رجل وانا امرأه نعم انا انثي وياريت يكون في حل حلم حياتي اكون انثي ولو لساعه وبعدها اموت وارتاح من عذابي
الغرب يقدرون يتعايشون مع ذا الموضوع ولو بدون علاج لانو كل واحد حاله حال نفسه م عندهم ضغوطات لكن العرب وخاصه بالسعوديه مو متفهمين ابداا وللبنت اكثر الولد يمكن يخف عليه الحمل شوي .. بالسعوديه الي يشوفونه فيه اضراب الهويه الجنسيه خلاص يحكمون عليهم ذا لوطي وذي سحاق م فيه تفاااهمم وطبعا بالمستشفات مالهم مكان عالاقل لو فيه علاج نفسي ..