تطوير اختبار دمٍ جديدٍ يكشف 8 أنواعٍ من السرطان

كتابة: بيتر غيبس.
ترجمة: مروة القاضي.
مراجعة: شيماء حولدار.

طَوّرَ الباحثون اختباراً جديداً للدم يُسمى “كانسر سيك”، يمكنه الكشف عن وجود ثمانية سرطاناتٍ شائعةٍ، ويعمل هذا الاختبار على كشف كمياتٍ صغيرةٍ من الحمض النووي منقوص الأكسجين والبروتينات التي تًطلقها الخلايا السرطانية في مجرى الدم، ويستطيع الاختبار الكشف عن وجود سرطان المبيض، الكبد، المعدة، البنكرياس، الأمعاء، الرئة، وسرطان الثدي.

يُعرَف الاختبار باسم “الخزعة السائلة”، ويختلف اختلافاً واضحاً عن الخزعة القياسية التي يتم فيها وضع الإبرة في الورم الصلب للتأكد من التشخيص بالسرطان، واختبار كانسيرسيك هو إجراءٌ غير بَاضِع، ويمكن أن يُجرى دون معرفة وجود السرطان، وبالتالي يسمح بالتشخيص المبكر ويُعطي فرصةً أكبر للعلاج. ولقد تبين أن الاختبار يكشف على نَحُوٍ موثوق سرطاناتٍ قابلةً للشفاء في مرحلةٍ مُبكرة، ووُجِدَ أيضاً أنه نادراً ما يُعطي نتيجةً إيجابيةً لدى الأشخاص الذين ليس لديهم سرطان، وهذا يمنع القلق الكبير والاختبارات الباضِعة الإضافية لأولئك الذين لا يحتاجون إليها.

كما يُمكن فحص العديد من أنواع السرطانات في آنٍ واحد، وإجراء الاختبار في نفس الوقت الذي يتم فيه إجراء اختبارات الدم الروتينية مثل فحص الكوليسترول، ولكن يحتاج الاختبار إلى سنواتٍ عدّة حتى يُستخدم في الطب السريري.

 

كيف يعمل الاختبار؟

تبدأ الأورام وحتى الصغيرة جداً منها في إطلاق كمّياتٍ دقيقةٍ من الحمض النووي منقوص الأكسجين المتحوّر والبروتينات غير الطبيعية إلى الدم، ويحدث ذلك قبل فترةٍ من ظهور الأعراض غالباً. وتطلق الخلايا السليمة الحمض النووي منقوص الأكسجين والبروتينات أيضاً، إلا أن الحمض النووي منقوص الأكسجين والبروتينات التي تُطلق من الخلايا السرطانية تكون فريدةً من نوعها، حيث تحتوي على تغييراتٍ متعددةٍ غير موجودةٍ في الخلايا السليمة.

إن اختبار الحمض النووي منقوص الأكسجين القائم على الدم والذي طُور حديثاً حساسٌ بشكلٍ رائع، حيث يكشف بدقةٍ عن جزءٍ واحدٍ متحور من الحمض النووي منقوص الأكسجين من بين 10 آلاف جزءٍ من الأحماض النووية الطبيعية، فعمله يُمثلُ حرفياً “العثور على إبرةٍ في كومة قش”. ولقد اختبرنا كانسر سيك في أكثر من 1000 شخصٍ مُصابين بأنواعٍ مختلفةٍ من السرطان في مراحله المبكرة، وأظهر الاختبار وجود السرطان بدقةٍ تصل إلى 70% أو أكثر في سرطان البنكرياس، المبيض، الكبد، المعدة، وسرطان المريء، ولا يوجد لهذه الاورم اختبارات فحصٍ متاحةٍ حالياً تقوم على تحليل الدم أو غير ذلك.

بالإضافة الى القدرة على الكشف عن وجود السرطان، تمكن الاختبار كذلك من التنبؤ بنوع السرطان بدقةٍ في 83% من الحالات، ونُشِر البحث في دورية ساينس بقيادة فريقٍ من جامعة جون هوبكنز، بالتعاون مع علماءٍ أستراليين من معهد والتر وإليزا هول.

لماذا هو مهمٌ؟
لا يزال التقدم مستمراً في علاج السرطانات المُتقدمة، بما فيها المكاسب الكبيرة في متوسط العمر المتوقع لمرضى السرطان، إلا أن ذلك يأتي بتكلفةٍ جسديةٍ وماديةٍ كبيرة، ولا يزال التشخيص المبكر هو المفتاح الرئيسي لتجنب الآثار المدمرة المحتملة للعديد من العلاجات والحد من وفيات السرطان.

هنالك اختباراتُ فحصٍ موثوقةً تؤدي إلى التشخيص المبكر ونتائج أفضل، مثل الكشف الوقائي بمنظار القولون لسرطان الأمعاء، إلا أنه قد يكون مزعجاً وغير مُريحٍ عادةً، كما أن مصحوبٌ بعض المخاطر، وتبحث هذه الاختبارات غالباً عن نوعٍ واحدٍ من السرطان، كما أن إقبال السكان على هذه الفحوصات ضعيفٌ جداً، ولا توجد اختبارات كشفٍ فعالةٍ حالياً بالنسبة للعديد من أنواع الأورام الرئيسية.

هناك أنماطٌ مميزةٌ للطفرات وتغير البروتينات التي تختلف بين أنواع السرطانات، لذا لا تنحصر قدرة” كانسر سيك” على اكتشاف وجود سرطانٍ في مكانٍ ما بالجسم فحسب، بل يمكن أيضاً أن يشير إلى مكان بدئه، فإذا أشار النمط إلى وجود سرطان الأمعاء على سبيل المثال، فإن منظار القولون هو الخطوة المنطقية التالية. وعندما أُخذت عينات الدم من أكثر من 800 شخصٍ مشاركٍ صحيحٍ ظاهرياً من مجموعة التحكم، سُجِل أقل من 1٪ منها اختباراً إيجابياً. ويعني ذلك أن الاختبار نادراً ما يكون إيجابياً للأشخاص الذين لا يعانون من السرطان، وبالتالي يُقلل من مشكلة التشخيص الزائد.

تتناقض هذه النتائج عموماً بشكلٍ صارخٍ مع اختبارات الدم المُطورة سابقاً لفحص السرطان، أما اختبار الدم الوحيد والمستخدم حالياً على نطاقٍ واسعٍ هو مستضد البروستات النوعي والذي يُستخدم لتشخيص سرطان البروستات. وإن لهذا الاختبار قيودٌ عديدةٌ، وقد يقول البعض إن هيئة المحلفين لا تزال تجادل بشأن ما إذا كان الاختبار القائم على مستضد البروستات النوعي يحقق فائدةً أكثر من الضرر.

ماذا بعد؟
تجري حالياً تجارب كبيرةٌ في الولايات المتحدة، حيث يُعرض اختبار” كانسر سيك” على آلاف الأشخاص الأصحاء، وستتم مقارنة حالات حدوث السرطان ونتائجه في هؤلاء الناس بمجموعةٍ تحكمٍ أخرى لم تخضع للاختبار، وستتوفر نتائج الدراسة في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.

المصدر(Sciencealert)

المصطلحات:
كانسر سيك CancerSEEK
الحمض النووي منقوص الأكسجين DNA
دورية ساينس journal Science
جامعة جونز هوبكنز John Hopkins University
معهد والتر وإليزا هول Walter and Eliza Hall Institute
مستضد البروستات النوعي prostate specific antigen (PSA)

السعودي العلمي

Comments are closed.