تطوير اختبار دم جديد يشخص مرض التوحد لدى الأطفال

كتابة: مايك ميكري.
ترجمة: عبداللطيف العرفج.

توصل باحثو معهد رينسلار للتقنيات المتعددة بالولايات المتحدة في مارس (آذار) الماضي إلى طريقةٍ لتشخيص التوحد عبر اختبارٍ بسيطٍ للدم، وأثبتوا بالأدلة أنها تملك إمكانيةٍ عاليةٍ، وأكدت دراسةٌ تتابعيةٌ نجاح النتائج الأولية بعد إجراء الفحص على مجموعةٍ من الأطفال، مما يقربنا خطوةً إضافيةً لكشف الرضع الذين يملكون فرصةً عاليةً لتطوير الخصائص المرتبطة بطيف التوحد.

يكمن سر الفحص الجديد في خوارزميةٍ تأخذ بعين الاعتبار وجود عددٍ من المواد الكيميائية وتركيزها في الدم، والتي ربطت من قبل بالتوحد، ولقد نجحت هذه الخوارزمية مسبقاً في فحص 150 بالغاً، إلا أن النتائج المهمة ستكون إذا أمكن تطبيق الخوارزمية بنجاحٍ على عينةٍ أصغر سناً، ويقول عالم النظم الأحيائية والمؤلف الرئيسي وهو يورجن هان: “نتمنى أن نرى تقدم هذا النهج في التجارب السريرية، بل وأن يصبح الاختبار مُتاحاً تجارياً”.

لا يزال السبب الدقيق والمحدد وراء التوحد غامضاً، فصحيحٌ أن هناك علاقةٌ واضحةٌ لبعض المورّثات، لكن كيفية تفاعلها مع العوامل البيئية لإظهار خصائص معينةٍ لا يزال محط تركيز الأبحاث الحالية. ويبدو مع ذلك أن التأثيرات المتتالية تترك أثراً على شكل الأيضات في الدم، وهي المواد الكيميائية المعدّلة الناتجة عن عمليات الأيض.

اكتشف العلماء في أبحاثٍ سابقةٍ أن بإمكانهم تشخيص اضطراب طيف التوحد ضمن مجموعةٍ من البالغين بدقةٍ شبه مثاليةٍ، وذلك عبر مسح مستوى 24 مادةً كيميائيةً متعلقةٍ بمسارين كيميائيين حيويين يرتبطان بالتوحد، وعمل الفريق على مجموعات من الأطفال ضمن دراساتٍ تتضمن جميع البيانات المهمة عن الأيضات موجودةٍ بالفعل، سعياً لتحقيق اختبارٍ أكثر تنبؤاً، فعثروا على 154 طفل تتراوح أعمارهم بين سنتين إلى 17 سنة، والنتائج كانت كما يصفها هان: “تمكنّا من التنبؤ بالتوحد بدقةٍ تصل إلى 88%”، وهو انخفاض من نسبة الدقة في النتائج السابقة والبالغة 97.6% عند تطبيق الطريقة على البالغين، إلا أنها لا تزال مثيرةً للإعجاب على الرغم من نزولها، وهناك أملٌ في أن الاختبارات المستقبلية ستطور الخوارزمية والدقة خصوصاً على الأطفال.

تكمن أهمية التشخيص المبكر لمرضى التوحد في تطوير المهارات التي من شأنها مساعدتهم على مواجهة التحديات التي تفرضها أدمغتهم الفريدة، وأهمها معالجة الأحاسيس والصعوبة التي يجدونها في الاختلاط بالآخرين، وتزداد أهمية توافر مثل هذا الاختبار بسبب ارتفاع معدلات التوحد، رغم أن جميع المؤشرات تشير إلى حدوث ذلك بسبب التحسن في الوعي والتشخيص. كما أن تحديد سمات مرض التوحد ليست بالأمر السهل، وتستغرق بعض الوقت حتى تصبح واضحةً وقد تصل إلى عدة سنواتٍ على الأقل، مما يؤخر السبل الممكنة لتقديم المساعدة حتى يبلغ عمر الطفل ثلاث إلى أربع سنواتٍ على الأقل.

هناك محاولاتٌ لإيجاد طرقٍ للتنبؤ بالتوحد في الرضع والأطفال الصغار من خلال فحوصات مسح الدماغ، أو ملاحظة حركاتٍ محددةٍ للعين، ولكن إذا كان لدينا اختبار دم منخفض التكلفة وغير باضعٍ للكشف عن مرض التوحد فستكون هذه خطوةً هائلةً نحو تطوير التشخيص. وقد نُشر هذا البحث في دورية الطب المتعدي والهندسة الأحيائية.

المصدر (Sciencealert)

المصطلحات:
معهد رينسلار للتقنيات المتعددة Rensselaer Polytechnic Institute
عالم النظم الأحيائية Systems biologist
يورجن هان Juergen Hahn
خوارزمية Algorithm
أيضات Metabolites
دراسة تتابعية Follow up study
دورية الطب المتعدي والهندسة الأحيائية Bioengineering & Translational Medicine

 

 

السعودي العلمي

Comments are closed.