الأطفال ينسخون أقرانهم ليندمجون، بعكس صغار القرود

ترجمة: فاطمة الرحيمي

مراجعة: فارس بوخمسين

 

بدايةً بساحة اللعب إلى غرفة الاجتماعات، غالباً ما يتبع البشر سلوك الذين حولهم أو يطابقونه في محاولة للاندماج. وجد بحثً جديدً أن هذا السلوك ينطبق على الأطفال، ولكن لا توجد أدلة تقول بأن هذا ينطبق على القرود مثل الشمبانزي والسعلاة. يقول العالم النفسي والباحث الرئيسي دانيال هاون من مؤسسة ماكس بلانك لعلم الإنسان التطوري: “إن التطابق هو سمة أساسية في السلوك الاجتماعي البشري، أنه يحافظ على المجموعات الداخلية والخارجية في حدودها، ويساعد المجموعات لتنسيق وتثبيت التنوع الثقافي، وهو أحد العلامات الأساسية للنوع البشري.

ويضيف هاون: ” إن هذا لا يعني أن التطابق هو الفعل الصحيح الذي ينبغي اتباعه في جميع الظروف، فبإمكان المطابقة أن تكون جيدة أو سيئة، مفيدة او غير مفيدة، مناسبة او غير مناسبة سواءً بالنسبة للأفراد او الجماعات التي يعيشون فيها. ولكن الحقيقة هي أننا كثيراً ما نتطابق، مما قد يجعل السلوك الاجتماعي البشري مختلفاً جداً بدونها.” وأضاف: “إن هذا بحثنا يظهر أن الاطفال في عمر السنتين يتطابقون مع الاخرين، بينما يفضل الشمبانزي والقردة البقاء مع ما يعرفونه مسبقاً بدلاً عن ذلك.

ويقدم البحث الذي نُشر في مجلة علم النفس، الدورية التابعة لجمعية علم النفس، مقارنةً مباشرةً بين القردة والبشر لتؤكد أن نزعة تخلي المرء عن تفضيلاته الخاصة ليستطيع الاندماج مع من حوله موجودة بشكل واضح في البشر. وجد هاون وزملاؤه في الأبحاث السابقة أن كلاَ من اطفال البشر والشمبانزي يعتمدون على رأي الاغلبية عندما يحاولون تعلم شيءٍ جديدٍ، وهو شيءٌ منطقيٌ عندما تمتلك المجموعة المعرفة ولكن الفرد منهم لا يمتلكها. ولكن هنالك أبحاثاً أخرى تظهر ان البالغين من البشر يتبعون الأغلبية على الرغم من امتلاكهم المعرفة المعنية، فقط لكيلا يبرزوا خارج المجموعة.

ولمعرفة إذا ما كان الاطفال والقرود سيظهرون ما يسمى التطابق المعياري، قدم هاون بالتعاون مع شريكته ميشيل توماسيلو ويفونني ريكيرز 18 طفلاً يبلغون من العمر سنتان، و12 شمبانزي، و12 سعلاء، للقيام بمهمة قائمة على المكافأة. حيث تم عرض صندوق يحتوي على ثلاث أقسام منفصلة لكل مشارك، وكان لكل قسم فتحة في الجزء العلوي من الصندوق. ومن خلال التفاعل مع الصندوق وجد المشاركين أن بإمكانهم رمي الكرة في أي من تلك الاقسام الثلاث، ولكن هناك قسمٌ واحدٌ فقط سيقدم لهم الحلوى (فول سوداني للقردة، والشكولاتة للأطفال).

وبعد ما تآلف المشاركون مع الصندوق، قام المشاركون بمتابعة ثلاثة من أقرانهم الذين تم تدريبهم بقوة لتفضيل نفس القسم الملون من العلبة (تختلف عن تفضيل المشاركين السابق) ليودعوا بها كراتهم. ومن ثم تم قلب الأدوار وكان يجب على المشارك أن يقرر في أي قسم يسقط به الكرة بينما كان يشهده البقية. وأظهرت النتائج أن الاطفال هم الأكثر عرضة لتعديل سلوكهم ليتطابق مع أقرانهم أكثر من القردة. حيث كان أطفال البشر يطابقون سلوكهم أكثر من 50% من المرات مع أقرانهم، بينما كانت القردة تتجاهل أقرانهم دائماً، ليختاروا الطريقة التي تعلموها أصلاً.

وأظهرت دراسة أخرى لمجموعة من 72 طفلاً بعمر السنتين أن الأطفال يميلون الى تغير خياراتهم أمام اقرانهم أكثر مما لو كانوا بمفردهم. ومن المثير للاهتمام، يبدو أن عدد الأطفال ليس مهماً لتحديد إذا ما كان الأطفال سيطابقون سلوكهم أم لا، فقد كانت احتمالية تغيير سلوكهم متساوية لو كانوا أمام ثلاثة نظراء أو نظيرٍ واحدٍ فقط. ويشير نمط المطابقة بين الاطفال أن الحافز للاندماج يظهر بشكل واضح في وقت مبكر جداً في البشر. ويقول هاون: “لقد فُوجئنا أن الاطفال بعمر سنتان قد يغيروا سلوكهم لتجنب مساوئ كونهم مختلفين.” ويدرس الباحثون حالياً أذا كانت العوامل البيئة مثل التعليم المؤسسي وممارسات تربية الطفل المختلفة تؤثر على الاطفال في ميلهم للمطابقة.

Sciencedaily (المصدر الأصلي)

السعودي العلمي

Comments are closed.