إنترنت الأشياء: التقنية التي ستعيد تعريف التواصل

هذا المقال برعاية المعرض والمؤتمر السعودي الدولي الثالث لإنترنت الأشياء .
كتابة وتحرير: فريق السعودي العلمي.

أصبح الإنترنت منذ ظهوره وحتى اليوم عنواناً للتواصل حول العالم، وجزءاً أساسياً من الحياة الحديثة وجوهراً للتقنيات المتقدمة، فما يحدث اليوم من تواصل البشر عبر الإنترنت أو ربط الآلات بالإنترنت أو تواصل البشر والآلات مع بعضهم هو ثورةٌ تقنيةٌ بذاتها تُعرف “بإنترنت الأشياء”. ولقد ظهر مصطلح إنترنت الأشياء في عام 1999م حين صاغه رجل الأعمال كيفن آشتون من شركة بروكتر آند غامبل، وذلك في عرضٍ تقديمي قدمه لوصف كيفية ربط الكائنات بالإنترنت من خلال رقاقات تحديد الهوية بترددات الراديو، والدور الذي يمكن أن تلعبه لجعل سلاسل الإمداد أكثر كفاءةً. وعلى الرغم من حداثة هذا المصطلح، إلا أن مفهوم الأجهزة المتصلة موجودٌ منذ زمنٍ طويل، إذ يُمكن القول بأن تطوير أول برقيةٍ كهربائية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر هو أول مثالٌ على تواصل الآلات مع بعضها البعض.

يُعتبر الإنترنت المكوّن الرئيسي لإنترنت الأشياء، ولقد بدأت رحلة تطوره عندما كان مُجرد مشروعٍ صغيرٍ في وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة للدفاع، ومن ثم تطوّر ليصبح شبكة “أربانت” التي تُعد من أوائل شبكات نقل البيانات بين الجامعات والمؤسسات البحثية، وبعدها توسع الإنترنت بظهور الكثير من التقنيات مثل تقنيات الواي فاي اللاسلكية، وبرامج التحكم الإشرافي وتحصيل البيانات. أما عن اتصال الأجهزة والآلات بالإنترنت، ففي عام 1982م أصبح في جامعة كارنيجي ميلون أول جهاز متصلٍ باستخدام الإنترنت المحلي للجامعة “أربانت”، وهو آلة مشروباتٍ غازيةٍ متصلةٍ بالإنترنت يمكن للطلاب عبرها معرفة ماهية المشروبات المتوفرة بها وما إذا كانت باردةً أو لا. وفي عام 1993م، أصبح لدينا نظام الملاحة العالمي، إذ تقوم عشرات الأقمار الصناعية بتوفير أداءٍ مستقرٍ من الاتصالات الأساسية لمعظم أجهزة إنترنت الأشياء في يومنا الحاضر.

ما هو إنترنت الأشياء؟
يُمكن وصف إنترنت الأشياء بأنه شبكةٌ عملاقةٌ من الأجهزة والأشخاص المتصلين بالإنترنت، وتتشارك هذه الأجهزة والأشخاص البيانات فيما بينهم، وينتج عن ذلك تدفقٌ هائلٌ للبيانات حول طرق استخدام الأشخاص للأجهزة والبيئة المحيطة بهم. فإنترنت الأشياء باختصارٍ هو مفهومٌ شاملٌ لكل جهازٍ بمفتاح تشغيلٍ وإيقاف يتصل بالإنترنت أو بالأجهزة الأخرى، ويمكن مراقبته والتحكم به عن بُعد.

لقد أصبح بالإمكان الحصول على شرائح إلكترونيةٍ ومعالجاتٍ صغيرةٍ وقويةٍ، ولهذا يُمكن لأي منتجٍ أن يصبح من أجهزة إنترنت الأشياء، وتتضمن قائمة أجهزة إنترنت الأشياء الحالية الكثير من الأجهزة بمختلف الأشكال والأحجام، سواءً من المصابيح وأجهزة التكييف وآلات صنع القهوة وغسالات الملابس والأجهزة القابلة للارتداء وحتى السيارات ذاتية القيادة وغيرها الكثير. إذ يُمكن للميكروويف الذكي أن يقوم تلقائياً بطهو طعامك في الوقت المناسب لك، ويُمكن لساعة اللياقة البدنية أن تقترح عليك خطة تمارين اليوم بناءً على معدل نبضات قلبك ونشاطك، ويُمكن لأجهزة التكييف أن تعمل تلقائياُ في يومٍ شديد الحرارة قبل وصولك للمنزل.

كيف يعمل إنترنت الأشياء؟
يتألف إنترنت الأشياء من مكوّناتٍ عديدةٍ تضمن الحصول على منظومةٍ متكاملةٍ، منها المكونات المادية كالأجهزة التي نسميها أجهزة إنترنت الأشياء، حيث تُزوّد الأجهزة بالقطع الإلكترونية والمستشعرات الملائمة للمهام المناطة بها، وتؤدي هذه الأجهزة مهامها وتتواصل فيما بينها لجمع ونقل البيانات من خلال شبكة الإنترنت، وتستخدم هذه الأجهزة بروتوكول الإنترنت، وهو نفس البروتوكول الذي يحدد عناوين أجهزة الحاسوب عبر شبكة الإنترنت العالمية ويسمح لها بالتواصل مع بعضها البعض. ومن ثم تُجمع البيانات من الأجهزة المختلفة في منصة إنترنت الأشياء، حيثُ تُحلّل لمشاركة المعلومات المهمة وللمساعدة في اتخاذ الإجراءات المختلفة تبعاً لها.

إنّ الهدف الرئيسي من وراء إنترنت الأشياء هو امتلاك أجهزةٍ تملك القدرة على الإبلاغ الذاتي الفوري، إذ يمكن لمنصات إنترنت الأشياء القوية أن تحدد المعلومات ذات الفائدة بصورةٍ دقيقة، وتحديد ما يمكن تجاهله بأمانٍ. ومن ثم يُمكن تحليل هذه المعلومات واستخدامها للكشف عن الأنماط وتقديم التوصيات واكتشاف المشكلات المحتملة، حتى قبل حدوثها. وتعني هذه الإمكانيات مجتمعةً أن بوسع أجهزة إنترنت الأشياء القيام بالكثير من المهام دون أيّ تدخلٍ بشري، أو بمعنى آخر أتمتة تلك المهام والعمليات، ولا سيما عندما تكون من النوع التكراري أو الخطِر أو تلك التي تستغرق وقتًا طويلاً ومراقبةً مستمرة. مما يترتب عليه تحسين الكفاءة وتقليل الأخطار والاستفادة من المعلومات الهامة بسرعةٍ أكبر ودقةٍ أعلى مما يؤديه نظامٌ يعتمد على التدخل البشري.

إنترنت الأشياء في عالمنا اليوم
يختلف عالمنا اليوم بشكلٍ كبير عمّا كان عليه قبل عقدٍ من الزمن، حيث أن عدد الأجهزة المتصلة بإنترنت الأشياء يفوق عدد البشر، وتُشير التوقعات إلى أنه سيكون هناك أكثر من 64 مليار جهاز إنترنت الأشياء بحلول عام 2025، أي زيادةً عن عام 2018م بحوالي 10 مليار جهاز. وهذه زيادةٌ غير مستغربةٍ نظير ما نشهده من تطورٍ تقني، حيث أصبح الإنترنت فائق السرعة متاحاً على نطاقٍ واسع، وتكلفة الاتصال به آخذةٌ في التناقص، وتتدفق يومياً إلى السوق عشرات الأجهزة المزوّدة بتقنيات الواي فاي والمستشعرات المدمجة بأسعارٍ منخفضةٍ نسبياً. وكل هذه الأسباب تجعل المستقبل يتوجّه وبقوةٍ نحو إنترنت الأشياء.

إنّ الإمكانات التي تحملها تقنية إنترنت الأشياء تؤدي دوراً هاماً في التحول الرقمي للشركات والحكومات، ودمج هذه التقنية مع التقنيات المتقدمة الأخرى كالذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني يحرر فرصاً هائلة لاستثمار التقنية في تطبيقاتٍ أوسع وأكبر فائدةٍ وأكثر أماناً وذكاءً وانتاجيةً. ومن ناحيةٍ أخرى، تتطلب هذه التقنية إدارةً حساسةً للبيانات التي سيتضاعف تدفقها تبعاً لزيادة عدد الأشخاص والأجهزة بالإنترنت، بالإضافة إلى تشريعاتٍ تنظيميةٍ تستجيب للمخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات الشخصية لتوسيع نطاق الأجهزة المتصلة بالإنترنت بأمان.

هذا المقال هو جزءٌ من حملة التعريف بتقنية إنترنت الأشياء من سلسلة الثورة الصناعية الرابعة، ويأتيكم بشراكةٍ إعلاميةٍ مع المعرض والمؤتمر السعودي الدولي الثالث لإنترنت الأشياء، والمقام في مدينة الرياض ما بين 8-10 مارس. ولمعرفة المزيد عن المؤتمر والتسجيل لحضوره تفضلوا بزيارة الموقع الإلكتروني للمؤتمر.

المصطلحات

كيفن آشتون: Kevin Ashton
بروكتر آند غامبل: Procter & Gamble
وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة للدفاع: DARPA
أربانت: ARPANET
وبرامج التحكم الإشرافي وتحصيل البيانات: SCADA
جامعة كارنيجي ميلون: Carnegie Mellon University
التعرف بترددات الراديو: RFID
نظام الملاحة العالمي: GPS

المصادر:

  1. IBM
  2. SAS
  3. Forbes
  4. Dataversity
  5. Investopedia
السعودي العلمي

Comments are closed.