الأطباء يفرطون في صرف المضادات الحيوية خوفاً من المرضى

كتابة: كلوديا قيب.
ترجمة: أمل سلطان العبود.

هل سبقَ وأجريت بحثاً على الانترنت عندما لاحظت ألماً غريباً أو انتفاخاً لم يكن موجوداً من قبل؟ لا بد وأنك فعلتها أليس كذلك؟ وخلال عدة دقائق من البحث على الإنترنت، أقنعت نفسك بأنك مصاب بمرض السرطان، أو بالطفيليات، أو بمرضٍ نادرٍ لم يصب به أحدٌ إلا شخصٌ واحدٌ في الطرف الآخر من العالم، وحتى عندما يُخبرك الطبيب بأنك مصابٌ بطفحٍ جلدي بسيطٍ لا يستدعي القلق، لا يُمكن منع نفسك من التساؤل: هل الطبيب متأكدٌ؟

يبدو أن التشخيص الذاتي من هذا النوع يسبب لك التوتر، ويحمل تداعياتٍ طويلة المدى على الطب برمّته، إذ تبين أن المرضى الذين قضوا وقتاً طويلاً على موقع ويب إم دي الطبي يضغطون على الأطباء للإفراط في وصف المضادات الحيوية، وهو ما يعزز بدوره مقاومة المضادات الحيوية. ويقول موظفو الرعاية الصحية وفقاً لموقع وايرد بأنهم يشعرون بالقلق إزاء عدم رضا المرضى والتعليقات السلبية التي يتركونها على الإنترنت، فيما يُعرف بـ”تأثير موقع يلب“، ما يدفع الأطباء لاتخاذ قراراتٍ مبنيةً على رغبة المرضى بدلاً عن العلاج الفعلي.

يبدو بأن المرضى غالباً ما يتوقعون أن تُصرف لهم المضادات الحيوية، ففي دراسةٍ أُجريت عام 2016مـ على مجموعةٍ كبيرةٍ من البيانات الصحية، وُجد بأن ثلث الوصفات الطبية للمضادات الحيوية وُصفت لحالات العدوى الفيروسية، والتي كما تعلم على الأرجح بأنها لا تستجيب للمضادات الحيوية. وقال طبيب الأمراض المعدية للأطفال والذي أدار مؤخراً مراجعةً حول سبب صرف الأطباء الخاطئ للمضادات الحيوية وهو ديفيد هيون في حديثه لوايرد: “يعتقد مزودو الخدمات بأن هناك سبباً تجارياً فيما يتعلق برضا الزبون واستبقاء المرضى لإعطائهم ما يرغبون به، سواءً كان ذلك دقيقاً أم لا”. ويُضيف: “كثيراً ما نسمع من مزوّدي الخدمات قولهم: إذا لم أصرف المضادات الحيوية للمرضى، فسيذهبون لعيادات الطوارئ أو لمركز رعاية صحيةٍ أوليةٍ آخر في الجهة المقابلة من الشارع ويحصلون عليها من هناك”، وأورد تقرير وايرد بأن المشكلة ساءت بشكلٍ كبير لدرجةٍ دفعت منظمة الأطباء المتحدون إلى تقديم عريضةٍ على موقع تشينج.أورج، والتي يطالبون فيها موقع يلب بإزالة التعليقات السلبية على الأطباء.

يقترح بحث هيون بأنه هنالك الكثير من الأسباب الأخرى التي جعلت الأطباء يصفون المضادات الحيوية بشكل خاطئ، كالإرهاق في نهاية دوامهم (عندما يُكثرون من صرف المضادات الحيوية)، ولكن يعتبر المرضى المتذمرون الهدف الأسهل في للإصلاح من بين كل الأشياء المزعجة في الطب. وهناك بالطبع دور الإنترنت المضلل للكثير من المرضى، حيث وجدت دراسةٌ أُجراها مركز بيو للأبحاث في عام 2013مـ بأن 35% من الأمريكيين البالغين استخدموا الإنترنت لتشخيص أنفسهم أو معارفهم، (وهذه النسبة مرشحّةٌ للارتفاع نظراً لزيادة عدد المتصلين بالإنترنت).

ليس هناك خطأٌ في التحقق من عرَضٍ بسيطٍ لتهدئة شكوكك بالطبع، ولكن شريطة ألاّ تثق ثقةً عمياء في العناوين التحذيرية التي تأتي على شاكلة “أحدث الأطعمة التي تسبب السرطان!”، ويجب أن تُدرك أيضاً بأن هذا يرجع في النهاية للطبيب الذي خضع لما يقرب من 14 سنةً من التدريب (بالنسبة لأطباء أمريكا) ليقرر إذا ما كنت تعاني من مشكلةً أم لا، أو إذا كنت بحاجةٍ للمضاد الحيوي الذي رأيته في موقع ويب إم دي. وعلى كلٍ ينبغي عليك أن تكون شخصاً مسؤولاً، وألّا تترك أيّ تعليقاتٍ سلبيةٍ في موقع يلب عن الأطباء الذين لا يصفون لك ما ترغب به، فامتناعك عن تناول المضادات الحيوية عند عدم احتياجك لها يمكن أن ينقذ حياتك يوماً ما.

المصدر (World Economic Forum)

المصطلحات:
كلوديا قيب Claudia Geib
موقع ويب إم دي الطبي WebMD
موقع وايرد Wired
العدوى الفيروسية Viral Infection
تشينج.أورج Change.org
منظمة الأطباء المتحدون Physicians Working Together
مركز بيو للأبحاث Pew Research Center
موقع يلب Yelp

السعودي العلمي

Comments are closed.