فوائد الشبكات الذكية للموردين والمستهلكين

هذا المقال برعاية المؤتمر السعودي التاسع للشبكات الذكية.

كتابة: فريق التحرير بمؤسسة السعودي العلمي.

تعتمد الشبكة الكهربائية التقليدية في عملها على توازنٍ دقيقٍ بين كمية الكهرباء التي توفرها شركات الكهرباء والكمية التي يحتاجها المستهلكون، أي أنها تعمل بنظامٍ يسعى لموازنة العرض بالطلب في سوق الكهرباء، ما يعني ضرورة ضبط كمية إنتاج الطاقة ومطابقتها زمنياً تبعاً لأنماط استخدام المستهلكين، ويتطلّب ذلك دقةً شديدةً في بناء توقعاتٍ على أساس تاريخ الاستهلاك وتقارير الطقس. إلا أن هذه المتابعة محصورةٌ بنطاقٍ زمنيّ شهريّ، وبذلك لا يكون لها دورٌ كبيرٌ في السيطرة على التقلبات قصيرة الأجل في الطلب، فالطقس على سبيل المثال يعد أهم سببٍ لتقلبات الطلب على المدى القصير، فيومٌ شديدُ الحرارة يستدعي زيادة التكييف ويومٌ ثلجيٌّ عاصِفٌ سيرفع معدّل تشغيل أجهزة التدفئة.

يمكن لهذه التقلبات أن تُلحق أضراراً بالشبكة الكهربائية كَكُل إن اختل هذا التوازن، وهو ما يسبب انقطاع التيار الكهرباء على نطاق محدودٍ أو واسعٍ من الشبكة، وتحدث معظم انقطاعات التيار الكهربائي نتيجةً لزيادة الأحمال على الشبكة في وقت الذروة (أي زيادة الطلب)، أو قد تحدث إثر سقوط شجرةٍ على معداتٍ حساسةٍ مثل خطوط الكهرباء والمحولات، ومع أن هذه المشكلة المحلية محدودة النطاق، إلا أن محطات توريد الكهرباء يمكن أن تظل غير مُدركة للانقطاع إلى أن تتلقى تقاريراً هاتفيةً من العملاء. وبهذا، يكون الطلب المتذبذب وعدم القدرة على تخزين فائض الطاقة وتأخر الإبلاغ عن الأعطال وإصلاحها أحد أبرز المشاكل التي تواجه منظومة توزيع الطاقة التقليدية.

إن السبب الرئيس لجميع هذه المشاكل يعود إلى أصلٍ واحدٍ: “انعدام التواصل الفوري بين الأجهزة”، أو بمعنى آخر بين “المستهلك” وبين “المورّد” للشبكة الكهربائية. ويكمُن حلُّ هذه المشكلة في استخدام “الشبكات الذكية”، والتي تستطيع أن توفر الاتصال الثنائي الاتجاه وتبادل المعلومات بين المُوّرد والمستهلك لتنظيم العرض والطلب، حيث يُمكن تزويد الأجهزة الصناعية والمنزلية بتقنياتٍ ذكيةٍ تُمكّنها من الاتصال بالإنترنت، ما يعطيها القدرة على أن تخاطب حواسيب شركات توريد الكهرباء وتوفر لها معلوماتٍ حول الاحتياجات الحالية للشبكة الكهربائية بشكلٍ فوري. وفي حالات حدوث نقص الإمداد الكهربائي، سيكون بإمكان الأجهزة الذكية (من طرف المستهلك) تقليل استهلاكها مؤقتاً إلى حين استقرار الإمداد الكهربائي.

أهم فوائد الشبكات الذكية:

  • توظيف أنظمة الذكاء الاصطناعي:
    تستخدم الشبكات الذكية أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات الذاكرة المحدودة، والتي تأخذ التجارب السابقة والبيانات المتوّفرة بعين الاعتبار لتوجيه القرارات التي تحدث في المستقبل غير البعيد. وستوظف هذه الأنظمة لمنع انقطاعات التيار الكهربائي أو تقليلها بما لديها من قدرة على استشعار الأحمال الزائدة وإعادة توجيهها، كما أنها أسرع استجابةً وأكثر دقةً من البشر في التعامل مع الظروف المختلفة، ويمكنها العمل بصورةٍ مستقلةٍ لصيانة الأعطال كما سيذكر لاحقاً.
  • خفض تكاليف الكهرباء:
    توّفر الشبكة الذكية لكلٍ من الموردين والمستهلكين عدة خياراتٍ لتخفيض تكاليف الكهرباء، مثل أن يوجه موردو الكهرباء المستهلكين لتقليل استخدام الأجهزة الإلكترونية ذات الأولوية المنخفضة عند ارتفاع الأحمال على الشبكة وانخفاض معدلات الإمداد، وتقليل الهدر الحاصل أثناء النقل عبر استخدام موصلاتٍ وكابلاتٍ أكثر كفاءةٍ وبرصد الأعطال بسرعةٍ أكبر، ويمكن للمستهلكين أن يستفيدوا من فائض الطاقة المتجددة الناتج من محطاتهم الخاصة ببيعه على الشبكة.
  • تنويع مزيج الطاقة:
    تتميز الشبكة الذكية بقدرتها على قبول الطاقة الكهربائية من مختلف مصادر توليدها، بما في ذلك دمج الطاقات المتجددة المحلية ولا سيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي يسهل دمجها ضمن منظومة الطاقة، وهذا من شأنه أن يوفر مصدراً أكثر موثوقيةً للطاقة وعاملاً مساعداً للتحوّل إلى اقتصادٍ نظيفٍ ومستدامٍ.
  • إشراك المستهلك:
    تُقدم الشبكات الذكية للمستهلكين ميزة موائمة استهلاك الطاقة وفق تفضيلاتهم الشخصية، مثل السعر والمخاوف البيئية، وذلك بفضل تمكين الاتصال الثنائي الاتجاه بين المستهلكين ومورّدي الطاقة في فورياً.
  • صديقةً للبيئة:
    تُعتبر الشبكات الذكية عنصراً رئيسياً في المدن الذكية، حيث تساهم في تحقيق أهم أهداف المدن الذكية المتمثل في توفير الطاقة النظيفة، فالشبكات الذكية تُساهم في تخفيف وتيرة تسارع التغير المناخي العالمي وبالتالي المشاركة في تحقيق تحسينٍ بيئيٍ كبير.
  • اللامركزية في توليد الطاقة:
     يتيح نظام الشبكة الموزعة أو اللامركزية للمستخدمين الأفراد توليد الطاقة في مواقعهم، وذلك من خلال استخدام الطرق الأكثر ملائمة وفق منظورهم وتقديرهم، بما في ذلك أنظمة الطاقة المتجددة المحلية مثل الألواح الشمسية في المنازل والمدارس.
  • المرونة والأمان:
    تمتلك الشبكات الذكية أنظمة إدارة وتشغيلٍ عالية الكفاء توفر كلاً من المرونة اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية والحوادث الطارئة، ومن ذلك إمكانية عزل أجزاءٍ من الشبكة الكهربائية المعرضة لأي نوعٍ من الأخطار لمنع انقطاع التيار الكهربائي القصير من التحول إلى انقطاع طويل المدى على نطاقٍ أوسع. وبالإضافة إلى ذلك، تُزوّد الشبكة الذكية ببروتوكولات الأمان والحماية ضد الهجمات السيبرانية المحتملة، والتي تفرضها بنية الشبكات الذكية الممزوجة بين تقنيات المعلومات والاتصالات والمكوّنات المادية.
  • ذاتية الإصلاح:
    يمكن للشبكات الذكية إصلاح نفسها من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك عبر العمل على التنبؤ بالأعطال والحاجة إلى الصيانة الاستباقية لمكوّنات الشبكة، مما يوفر تكاليف الاستبدال غير الضرورية للمعدّات ويقلل من تكاليف ووقت الصيانة. بالإضافة إلى قدرتها على اكتشاف انقطاع التيار الكهربائي تلقائياً ومعالجته دون انتظار تقارير الإبلاغ من المستهلكين، مما يعني استعادةً سريعةً للتيار الكهربائي.
  • تخزين الطاقة:
    تكاد أن تنعدم قدرة الشبكة الكهربائية التقليدية على تخزين الكهرباء الفائضة، إذ يجب أن تُستهلك الطاقة التي يتم توليدها على الفور! إلا أن “الشبكات الذكية” تُساهم في وضع الحلول المختلفة لتخزين الطاقة من خلال استخدام التقنيات الحديثة، دمج الطاقات المتجددة، وإشراك المستهلك في توليد الطاقة.
  • أسواق جديدة:
    تمثل الشبكة الذكية فرصةً متفرّدةً لنقل صناعة الطاقة إلى عصرٍ جديد من الطاقة الذكية، كما تسمح لأسواق الكهرباء بالنمو مما يُسهم في تحسين الحالة الاقتصادية للدول وجلب العديد من الفوائد للمنظومة البيئية الذكي للطاقة، بالإضافة إلى خلق فرص العمل والتدريب في مجال صناعة الشبكات الذكية الآخذة في النمو.

لقد ساهم دمج تقنيات المعلومات والاتصالات المتقدمة في شبكات التوزيع الكهربائية في تحسين المنظومة بأكملها من توليد الطاقة ونقلها وتخزينها، ورفع الكفاءة في جميع جوانبها.

____________________________________________

هذا المقال هو الجزء الثالث من حملة التعريف بالشبكات الذكية ضمن سلسلة الثورة الصناعية الرابعة، ويأتيكم بشراكةٍ إعلاميةٍ مع المؤتمر السعودي التاسع للشبكات الذكية، والمقام في مدينة جدة ما بين 10 -12 ديسمبر. ولمعرفة المزيد عن المؤتمر والتسجيل لحضوره تفضلوا بزيارة الموقع الإلكتروني للمؤتمر.

المراجع

1- Clean Energy Institute, University of Washington  

2- The Smart Grid: An Introduction

3- Scientific Research Publishing (SCIRP)

4- IEEE Xplore

5- U.S. Energy Information Administration

السعودي العلمي

Comments are closed.