عنق الرسائل: الوباء الجديد المحطم للعمود الفقري

ترجمة: فارس بوخمسين

يزن الرأس البشري حوالي 5.4 كيلوغرام. ولكن عندما يميل العنق للأمام وللأسفل، فإن الوزن المحمول على فقرات الرقبة يبدأ بالتضاعف. فعند زاوية 15 درجة يعادل هذا الوزن حوالي 12.2 كيلوغرام، وعند زاوية 30 درجة يعادل هذا الوزن حوالي 18.1 كيلوغرام، وعند زاوية 45 درجة فيعادل 22.2 كيلوغرام، وعند زاوية ستين فإنه يعادل 26.2 كيلوغرام.

هذا هو العبء الذي ستحمله عندما تحدق في هاتفك الذكي، بنفس الطريقة التي يستخدمها الملايين من الناس كل يوم، وذلك وفقاً لبحث نشره الدكتور كينيث هانسراج في المكتبة الوطنية للطب. وسوف تظهر هذه الدراسة في الشهر القادم في مجلة “التقنية الجراحية الدولية”. ويمكن أن تؤدي هذه الوضعية السيئة التي تٌسمى أحياناً بـ”عنق الرسائل” إلى الانهاك والتمزق المبكر للعمود الفقري، واضمحلاله، وحتى إلى عملية جراحية.

وقال هانسراج، رئيس قسم جراحة العمود الفقري بمركز نيويورك لجراحة العمود الفقري وإعادة التأهيل: ” لقد أصبحت هذه الحالة وباءً، أو منتشرةً بكثرة على الأقل. انظر حولك فقط، فالكل مطأطأ رأسه.”

إذا لم تستطع أن تستوعب مدى أهمية 26.2 كيلوغرام، فتخيل أنك تحمل طفلاً بعمر ثمان سنين حول رقبتك عدة ساعات باليوم. حيث يمضي مستخدمي الجوالات الذكية معدل ساعتين إلى أربع يومياً وهم منحنين، يقرؤون البريد الإلكتروني، ويرسلون الرسائل أو يتفقدون مواقع التواصل الاجتماعي. هذا ما يعادل 700 إلى 1400 ساعة سنوياً من التوتر الذي يضعه الناس على عمودهم الفقري وفقاً لهذا البحث. وقد يكون الطلاب في المدرسة الثانوية الأسوأ، فقد يمضون حوالي 5000 ساعة اضافيية في هذه الوضعية وفقا لهانسراج.

وقال هانسراج: “إن المشكلة عميقة جداً لصغار السن. فقد نبدأ نرى صغار محتاجين إلى عناية بالعمود الفقري مع هذا التوتر الإضافي على العنق. أنا أود فعلاً أن أرى الأهالي يبدون المزيد من الاهتمام.” وقد كان الخبراء الطبيون يحذرون الناس لسنين. ويقول البعض أنه مقابل كل 2.5 سم يميل فيه الرأس إلى الأمام، يتضاعف الضغط على العمود الفقري.

وصرح تيم ديآنجليس، رئيس جمعية العلاج الطبيعي الأمريكية، لمحطة السي إن إن في العام الماضي بأن تأثير هذه الوضعية مشابه لحني أصبعك إلى الخلف وتثبيته بهذا الشكل لمدة ساعة. وقال موضحاً: “حينما تمد النسيج لمدةٍ طويلة، يبدأ بالإصابة بالتقرح والالتهاب.” ويمكن أيضاً أن يسبب شداً عضلياً وعصبياً، وانفتاق أقراص ما بين الفقرات، وقد يزيل الانحناءات الطبيعية للعنق مع مضي الوقت.

ويعد هذا خطراً محدقاً بحوالي 58% من الأمريكيين البالغين الذين يمتلكون الهواتف الذكية. وصرحت ميشيل كولي، الطبيبة التي ترأس أداء العلاج الطبيبعي في ولاية رود أيلاند، في حديثٍ لها مع قناة السي إن إن في السنة الماضية، بأنها بدأت ترى المرضى المصابين بألآم استخدام التقنية في الرأس والرقبة والظهر قبل حوالي ست أو سبع سنين.

وقد تؤدي الوضعية السيئة إلى مشاكل أخرى أيضاً، حيث يقول الخبراء أنها قد تقلل من سعة الرئة بمقدار 30%. وقد تم ربطها سابقاً أيضاً بالصداع والأمراض العصبية، الاكتئاب وأمراض القلب. وقال هانسراج: “وبينما قد يكون من المستحيل تفادي التقنية التي تسبب هذه المشاكل، يجب على الأفراد أن يبذلوا جهدهم للنظر إلى جوالاتهم مع المحافظة على وضعية متزنة للعمود الفقري، لأجل تجنب مضي ساعات من الانحناءات يومياً”

وفي حديثه مع برنامج “اليوم”، أعطى هانسراج مستخدمي الهواتف الذكية بعض النصائح لتفادي الألم:
انظر إلى الأسفل لجهازك باستخدام عينك. فلا حاجة هناك لثني عنقك.
تمرن: حرك رأسك من اليسار إلى اليمين عدة مرات، واستخدم يديك لتوفير مقاومة وادفع رأسك بعكسها، باتجاه الأمام أولاً ومن ثم باتجاه الخلف. وقف في مدخل الباب مع مد ذراعك بالكامل وادفع صدرك إلى الأمام لتقويّ عضلات الوضعية الجيدة.

وأضاف هانسراج: “أنا أحب التقنية. فأنا لا ألوم التقنية بأي شكل. رسالتي هي: كن على إدراك بمكان رأسك في الفراغ. واستمر بالاستمتاع بهاتفك الذكي واستمر بالاستمتاع بهذه التقنية، تأكد فقط بأن رأسك موجهٌ للأعلى.”

 

الواشنطن بوست (المصدر الأصلي)

السعودي العلمي

Comments are closed.