القات: نبذة ومعلوماتٌ طبيةٌ وإحصائيةٌ

ترجمة: رمزي الحكمي.
مراجعة: عبدالحميد شكري.

مضغُ أوراق نبتة القات هي ممارسة منتشرة بكثرة في شرق أفريقيا وأجزاءٌ من الشرق الأوسط كدولة اليمن، حيث يمثل دوراً ثقافياً واجتماعياً متجذِّراً (دراك، 1988مـ).

المنشأ والانتشار:

كان أبو الريحان البيروني (973-1051 ب.م) أول طبيبٍ عربيٍ وصف القات كعلاجٍ في كتابه “الصيدلة وفن العلاج” (الطاهِر، 1990مـ). وذُكِرَ القات أيضا في الكتاب الطبي العربي “الأدوية المعقَّدة” (1237 ب.م)، حيث وصف مؤلفه نجيب الدين السمرقندي القات لعلاج الاكتئاب بسبب ما ينتجه من ابتهاجٍ واهتياجٍ (العطَّاس، 1981مـ). ويعتقد معظم الباحثين بأن القات نشأ في إثيوبيا، مع أنه زُرع لعدة قرونٍ في اليمن. وهناك اختلافاتٌ في تاريخ تقديمه إليها (الراضي، 1992مـ). ولكن هناك إجماعاً بين الباحثين على أن القات قُدِّم إلى العادات الاجتماعية اليمنية في القرن الثالث عشر الميلادي (المُترِّب، بيكر وبرودلي، 2002مـ).

الزراعة في اليمن:

القات (الاسم العلمي: كاثا إيدوليس): نبتةٌ خضراء معمِّرةٌ تُزرَع بالتطعيم (وهي طريقةٌ زراعيةٌ يُنقل فيها نسيجٌ من نبتةٍ إلى نبتةٍ أخرى، المترجم). ويصل طول شجرة القات إلى 6-7 أمتارٍ، وقد يصل إلى 15-20 متراً في الظروف المثالية. وينمو القات في المرتفعات بين 1500 إلى 2500 متراً فوق سطح البحر، ويُترك لمدة 3-4 سنواتٍ قبل قطف الأوراق، مع أنها تحتاج إلى 6-7 سنواتٍ إضافيةٍ لتنضج. وتستمر الشجرة الجيدة في إعطاء المحاصيل لخمسين سنةً أخرى (رامان، 1983مـ).

هناك قرابة 44 نوعاً من القات من 44 منطقة مختلفةً في اليمن. وتختلف أنواع القات في معدلات تركيز المكوِّنين المهمَّين: الكاثينون وحمض التانين، حيث يمثل قات “النِّهْمي” النوع الأعلى تركيزاً وقات “الصَّيْفي” النوع الأقل تركيزاً.

التركيب الكيميائي:

يعود سبب الشعور بالابتهاج أثناء مضغ القات إلى احتوائه على مركب الكاثينون وهو أمينٌ مُحفِّزٌ شبيهٌ بالأمفيتامين (كاليكس وبريندين، 1985؛ كاليكس، 1988مـ، 1992مـ).  وتتركب أوراق القات من ثلاثة مركباتٍ أشباه قلويةٍ أساسيةٍ، وهي: الكاثيون، نورسودوإفيدرين (أو الكاثين)، نورإفيدرين (زوندري، 1975مـ؛ شورنو وسيتينيغير، 1979مـ). وبقية المكونات هي: كمياتٌ قليلةٌ من الزيوت الأساسية مثل الستيرول وترايتِربين، و5% من البروتين عديم الفائدة الغذائية (كاليكس وبرايندِن، 1985مـ) وفيتامين سي (رامان، 1983مـ)، وحمض التانين في الأوراق المجففة، والقليل من الثيامين والنياسين والرايبوفلافين والحديد والأحماض الأمينية (لوغمان ودانوسكي، 1976مـ). لكن بقية المكونات الثانوية لا تتدخل في التأثيرات البيولوجية للقات باستثناء حمض التانين (كاليكس، 1984مـ).

مراحِل تأثير القات:

يصف أحد الباحثين المراحل النفسية حسب تجربته الشخصية وبعد استعماله القات لأكثر من 20 سنة كالتالي:

1- النشوة: شعورٌ بالفرح والاهتياج (برينيشتاين وآخرون، 1990مـ؛ ويدلر وآخرون، 1994مـ). وتدوم من ساعة إلى ساعتين (كاليكس وبرايندِن، 1985مـ). وهذه المرحلة شائعةٌ بين المُتعاطين الشباب، وتتكرر في كل جلسةٍ.

2- يبدأ آكلو القات بمناقشة القضايا المهمة بحماسٍ وإدراكٍ لأهمية المشكلة (كاليكس وبرايندِن، 1985مـ). ويناقشون عادةً القضايا العامة ثم ينفرد أزواجٌ منهم لمناقشة قضاياهم الشخصية بسرِّيَّةٍ.

3- الساعة السُّليمانية: تبدأ هذه الساعة في الصيف عند 6:30 مساءً، وفي الشتاء عند 5:30 مساءً، أيّ عندما لا يحب آكلو القات تشغيل الأضواء، فيكتفون بالصمت وتأمُّل الطبيعة. وتكون مخيِّلتهم نشِطةً، ويفضِّلون سماع الأغاني المحلية.

4- الاكتئاب: يميل المتعاطون قبل انتهاء الجلسة (التخزينة باللهجة المحلية، المترجم) إلى مناقشة المشاكل الخاصة بنظرةٍ تشاؤميةٍ. وتعتمد مرحلة الاكتئاب على قوة نوع القات، فبعضهم قد يقرر التوقُّف عن تعاطي القات بسبب شدة الاكتئاب (إذا كان النوع قويًّاً، المترجم). وتُسمَّى هذه المرحلة (التنْكيبة، من النكْبة) بالمحلية الجيزانية (المترجم).

5- التهيُّج، انعدام الشهية، الأرق: تتميز هذه المرحلة بزيادة الإحساس التخيُّلي بالثقة، وتطاير الأفكار (صعوبة التركيز على موضوعٍ واحدٍ) (كاليكس وبرايندِن، 1985مـ).

وفي الصباح التالي، يشعر المتعاطي بالتعب والنعاس المصحوبين بنسيان الأفكار الحماسية التي نُوقِشت في الليل. ثم عند العاشرة أو الحادية عشر صباحاً يبدأ بترتيبات الجلسة القادمة، وهذا الشعور القوي جداً يتغلَّب على قرار التوقُّف عن التعاطي الذي اتُّخِذ في الليلة الماضية.

 

 المشكلات الصحية:

يلخِّص الباحثون (المُترِّب وآخرون، 2002مـ) تقرير منظَّمة الصحة العالمية حول أهم المشكلات الصحية المتعلقة بالتعاطي المُزمن، وهي (مرتبةٌ حسب العضو/الجهاز):

  • المثانة البولية: يقلل تناول القات معدل تدفُّق البول (كمية البول التي تُفرَز في كل مدةٍ معيَّنةٍ).
  • القناة المَعِديَّة المَعَويَّة (المعدة والأمعاء): يسبِّب التانين (أحد مكونات القات) أمراض اللثة والتهاب الفم والمريء والمعدة. وهناك دراساتٌ تربط بين القات والقُرحة المَعَويَّة (قُرحة الإثني عشر) (رجاء وآخرون، 2000مـ)، وسوء التغذية. ويُعَدُّ الإمساك من أكثر المشكلات الطبية شيوعاً بين متعاطي القات (هايمان، 1995مـ). وهناك ارتباطٌ بين مضغ القات واصطباغ التجويف الفمِّي باللون البني (عشري وغازي، 1990مـ).
  • الكبِد: يشير ارتفاع تركيزات كل من الفوسفاتاز القلوي وناقلة الألانين والبيليروبين الكُلِّي إلى تسمُّم الكبِد. وفي إحدى الدراسات، أدَّت التغيُّرات النسيجية المَرَضية إلى تسمم الكبد بعد إطعام الأرانب القات لثلاثة أشهر (المعمري وآخرون، 2002مـ).
  • الجهاز التناسلي: من المعروف أن القات يسبب سَيَلان المَني (القذف اللاإرادي) عادةً عند التبوُّل الأول بعد الجلسة. هناك دراسةُ قارَنت بين أشخاص مدمنين وأشخاصٍ غير مدمنين فوجدت أن حجم السائل المنوي وعدد الحيوانات المنوية وحركتها أقل في المدمنين من غير المدمنين، ووجدت أيضاً أن هناك نسباً أكبر من تشوُّهات الخلايا المنوية في عيِّنات المدمنين (الشورى وآخرون 1995مـ).
  • الجهاز التنفسي: يزيد القات رغبة تدخين التبغ، وهو مرتبطٌ بالتدخين السلبي (مجالسة المدخِّنين).
  • الجهاز القلبي الوعائي: في دراسة على 157 مصاباً باحتشاء عضلة القلب الحاد في وحدة العناية المركزة بمستشفى الثورة بمدينة صنعاء عاصمة اليمن، وصلت نسبة متعاطي القات المزمنين إلى 79% (124 مريضاً). ويهدد تناول القات بخطر الإصابة بمرض نقص تروية عضلة القلب. أما فيما يتعلق بمضاعفات المشكلات القلبية الوعائية، فقد قُدِّر انتشار الإصابة بالبواسير بين المتعاطين المزمنين بـ 65% وبين غير المتعاطين بـ 4% فقط.

 دراسات وإحصائيات:

المعلومات الإحصائية منقولة عن (عقيلي، 2009مـ):

  • إثيوبيا: نسبة الذين كانوا يتعاطون القات من المجتمعات الريفية في فترة الدراسة قُدِّرت بـ 97.1%.
  •  أوغندا: كان تعاطي القات أكثر انتشارا بين موظَّفي تطبيق القانون (97.1%)، ثم بين موظفي النقل (68.8%)، ثم بين الطلاب (9.2%).
  •  السعودية: ركزت معظم الدراسات على المدن الواقعة جنوبي المملكة العربية السعودية، خصوصاً منطقة جازان (الأقرب إلى دولة اليمن)، المُترجم. حيث ذكرت دراسةٌ في 2005مـ أن 48.7% من عامة سكان منطقة جازان كانوا يتعاطون القات في الفترة التي أجريت فيها الدراسة (45.5% في المناطق الريفية (القروية) مقارنةً بـ 61.7% في المدن). والجدول (2) يوضح نسب الانتشار الأعلى بين محافظات منطقة جازان وفقا لـ (ميلات،2005مـ، كما اقتبسه عقيلي، 2009مـ).

 

جدول 2: نسب انتشار تعاطي القات في منطقة جازان، 2005.

المحافظة

نسبة الانتشار

صبيا 72.5%
جيزان (المدينة) 61.7%
الحُراث 58.1%
أبو عريش 56.8%
صامطة 55.7%
الأحد (أحد المسارحة) 51.7%
العارضة 38.1%
الدرب 37%
فيفا 34.7%
بيش 20%
الداير 19%
ضمد 16.5%
فرسان 12%

 

 

 

المصطلحات (بالترتيب الأبجدي):

احتشاء عضلة القلب الحاد acute myocardial infarction
أمفيتامين amphetamine
أمين amine
البيليروبين الكُلِّي total bilirubin
ترايتِربين triterpene
تسمُّم الكبِد liver toxicity
حمض التانين tannic acid
الزيوت الأساسية essential oils
ستيرول sterol
سَيَلان المَني spermatorrhoea
الفوسفاتاز القلوي alkaline phosphatase
قات Qat
قُرحة الإثني عشر duodenal ulcer
القناة المَعِديَّة المَعَويَّة (المعدة والأمعاء) gastrointestinal tract
كاثا إيدوليس Catha edulis
كاثين cathine
كاثينون cathinone
مرض نقص تروية عضلة القلب ischemic heart disease
مركبات أشباه قلوية alkaloids
معدل تدفُّق البول urinary flow rate
منظَّمة الصحة العالمية WHO
ناقلة الألانين alanine transaminase
نورإفيدرين norephedrine
نورسودوإفيدرين norpseudoephedrine

 

 

المراجع:

الدراسة المُترجَمة (باستثناء جزء الدراسات والإحصائيات)، يرجى الرجوع إلى المراجع الثانوية في المقال الأصلي:

Al-Motarreb A, Baker K, B. K. (2002). Miraa-pharmacological and medical aspects and its social use in Yemen. Phytotherapy Research, 16(5), 403–413.

الدراسات والإحصائيات:

Ageely, H. M. (2009). Prevalence of Khat chewing in college and secondary (high) school students of Jazan region, Saudi Arabia. Harm Reduction Journal, 6, 11. http://doi.org/10.1186/1477-7517-6-11

 

 

 

السعودي العلمي

Article Tags

Website Comments