الروتين اليوميّ للأشخاص المبدعين

كتابة: بول ثاغارد.
ترجمة: سارة عادل حسن.
مراجعة: عبد الحميد شكري.

كيف ينبغي أن تُنظم يومك لو أردت أن تكون مبدعاً ومنتجاً؟ هناك إجابةٌ مقترحةٌ في كتابٍ لماسون كاري بعنوان “الطقوس اليومية: كيف يعمل الفنانون”. حيث يصف العمل الروتيني لـ 161 كاتباً مشهوراً، رسامين، موسيقيين، وغيرهم من المبدعين بما في ذلك القليل من العلماء.

تُعد الإدخالات الفردية ساحرةً، لكن كاري لم يخرج بأي استنتاجاتٍ عامةً. لذلك مررت بقصصه الموثقة جيداً، تاركاً ملاحظاتٍ حول الأوقات اليومية التي قام الناس فيها بأكثر أعمالهم إبداعاً. كنت أتساءل: كم منهم استخدم نفس روتينيَ الخاص؟ والذي ينطوي عادةً على الكتابة في الصباح، القراءة في فترة ما بعد الظهيرة، الاستراحة في المساء، والنوم في الليل.

النتيجة الأولى المذهلة هي أن معظم الناس (88%) كان لديهم روتينٌ مميزٌ، مع عددٍ قليلٍ نسبياً ممن ذكروا عدم وجود جدولٍ قياسيٍّ. مع ذلك، كان بعض الناس الرائعين منتجين دون روتينٍ بما في ذلك فيديركو فيليني، ويليام جيمس، وديفيد فوستر والاس.

من الصعب معرفة ما إذا كانت عينة كاري ممثلةً للناس المبدعين بشكلٍ عامٍ، لأنه لم يذكر كيف اختار شخصياته المحددة، فربما هناك المزيد من الناس الذين سيقولون أنهم لا يمتلكون أي روتينٍ معينٍ ولكن لا يوجد هناك أي توثيقٍ لذلك، وأظن أن الناس غير المنظمة بما فيه الكفاية ليكون لديهم نوعٌ من الروتين اليوميّ ليسوا بالعادة منتجين بما فيه الكفاية ليصبحوا مشهورين، ولكن عينةً أكبر وأقل اعتباطاً ستكون دليلاً أكثر موثوقيةً للأنماط العامة.

النتيجة الثانية المذهلة هي أن عدداً قليلاً من الناس المشهورة يعملون طيلة الوقت، أي من الصباح إلى المساء. حيث أن أقل من 10% كانوا قادرين على تحمل هذا الجدول المرهق، وهو أمرٌ أجدُه مشجعاً. ومدمني العمل يشملون بينجامين فرانكلين، جورج جريشوين، فيليب روث، وأليكسندر غراهام بيل.

النتيجة الثالثة المذهلة هي أن القسم الأكثر من الأشخاص المشهورين يعملون في الصباح أي حوالي 72%، على النقيض من 48% ممن يعملون في فترة ما بعد الظهر، و22% ممن يعملون في المساء، و15% ممن يعملون في الليل.

في العينة بأكملها، أدّى حوالي 25% أعمالهم المبدعة في الصباح فقط، وهو الذي يتناسب مع نمط الكتابة الشخصية الخاص بي، ولكن حوالي 27% تمكنوا من أن يعملوا بإبداعٍ في كلتا فترتي الصباح وما بعد الظهيرة معاً. وتُعد الأنماط الأخرى من العمل مثل العمل فقط فيما بعد الظهيرة، الصباح، أو الليل نادرةً، كما كان نادراً الخلط بينها. ومن بين القلة القليلة التي ذكرت أنها كانت تعمل في الليل فقط كان غوستاف فلوبيرت، هنري دي تولوز-لوتريك، فرانز كافكا، ومارسيل بروست.

لذا لو أردت أن تنصح شخصاً ما حول الطريقة ليكون مُنتجاً ومُبدعاً، فيبدو أنه من الأفضل أن تخبره أن يعمل في الصباح وفي أي وقتٍ آخر يمكنه أن يتدبره. لسوء الحظ، قد لا يكون الناس قادرين على الأخذ بهذه النصيحة بسبب الاختلافات الوراثية في تواترهم اليوميّ (الساعة الأحيائية). فالمجال الصاعد لعلم الأحياء الزمنيّ يحدد الأسس الوراثية لما إذا كان الناس قُبرة صباحية أو بومةً ليلية. وإننا لا نملك أي سببٍ لنعتقد أن الأشخاص الصباحيين أكثر تفوقاً أخلاقياً، فهم مجرد محظوظين في مورّثاتهم التي ورثوها من والديهم والتي تمكنهم من الحصول على بدايةٍ سريعةٍ لليوم.

أحد الملاحظاتٌ الاخرى المثيرة للاهتمام في كتاب كاري تتعلق بالعقاقير المختارة للفنانين، ومن غير المدهش أن أكثر المنشطات للمبدعين هي الكافيين والتبغ، ولكن لُوحظ استخدام عددٍ قليلٍ من الناس للإمفيتامينات لشحن عملهم، بما في ذلك الشاعر دبليو. إتش. أودن، الفيلسوف جين-بول سارتر، والرياضياتي بول إردوس.

لا يحتوي الكتاب على معلوماتٍ كثيرةٍ عن التمارين، والتي تعد جزءاً من روتيني بعد الظهيرة، لكن عادة المشي اليومية كانت مهمةً جداً لكلٍ من بيتهوفن، تشايكوفسكي، كيركيجارد، وداروين.

إذاً كيف تحب أن تُنظم يومك؟

المصدر: (psychologytoday)
بول ثاغارد (Paul Thagard)
ماسون كاري (Mason Currey)
فيديركو فيليني (Federico Fellini)
ويليام جيمس (William James)
ديفيد فوستر والاس (David Foster Wallace)
بينجامين فرانكلين (Benjamin Franklin)
جورج جريشوين (George Gershwin)
فيليب روث (Philip Roth)
أليكسندر غراهام بيل (Alexander Graham Bell)
غوستاف فلوبيرت (Gustave Flaubert)
هنري دي تولوز-لوتريك (Henri de Toulouse-Lautrec)
فرانز كافكا (Franz Kafka)
مارسيل بروست (Marcel Proust)
دبليو. إتش. أودن (W. H Auden)
جين-بول سارتر (Jean-Paul Sartre)،
بول إردوس (Paul Erdos)
بيتهوفن (Beethoven)
تشايكوفسكي (Tchaikovsky)
كيركيجارد (Kierkegaard)
داروين (Darwin)

 

السعودي العلمي

Website Comments

  1. jawad

    رغم أنني ضد فكرة السهر ومن مؤيدي العمل الصباحي
    إلا أنني أجدني أكثر نشاطا بالفترة المسائية وكثيرا ما تتفتق بذهني الأفكار ليلا وتخبو صباحا