ما بين السحر والعلوم

من يطالع التاريخ يلاحظ جلياً ظاهرة توالي وربما تلازم السحر بالعلوم، وكيف أن ما كان يظن خارقاً للطبيعة مستحيل الحدوث وحصراً على السحرة والدجالين أصبح بعد قرون بسيطة ممكناً ومفهوماً بل وربما أضحى البشر لا يستغنون عنهكلنا سمعنا عن الخيمياء ; ذلك الفن القديم وكيف كان يدعي الدجالون والسحرة أنه يمكنهم تحويل المعادن الرخيصة إلى نفيسة. عبر القرون استقل منه العلم الطبيعي الذي سمي بالكيمياء والذي أجلى الدجل والزيف حول هذا الخصوص وأصبح باباً مهماً في تطوير معرفتنا وتقدم حياتناعلى نفس المسار انتشر علم التنجيم وقراءة الطالع منذ أزمنة سحيقة واشتبه العلم بالخرافة، لكن لاحقاً أصبح علم الفلك قائماً بذاته وله أسسه الطبيعية الموضوعية التي يمكن للجميع دراستها وفهمهاقس على ذلك مختلف الفنون والأفكار، مثل الطيران الذي ارتبط بالآلهة والسحرة، أو التنقل في أزمنة وجيزة، أو أن “تتكلم” وتتحرك الجمادات وغير ذلك

القائمة طويلة ولا يمكن حصرها، والمدهش أنه يبدو أنها لن تنتهي. في عصرنا هذا لا زال هناك أناس يعتقدون أنه لا يمكن أن يتعدى البشر الغلاف الجوي بأي حال من الأحوال (في حين تجاوزه بالفعل مئات الأشخاص منذ عقود)، وهناك آخرون يعتقدون أن العلوم الحديثة خزعبلات وفبركات، كعلم التطور الحيوي وميكانيكا الكم

لذلك من الجميل أن يظل الشخص متقبلاً للأفكار الجديدة وإن كانت لا تبدو مفهومة له في الوهلة الأولى، لكن لا يعني هذا أن يصبح الشخص وعاءً لكل دعوى أو يصدق كل ما لا يفهمه. ببساطة، إن لم تفهم فكرةً معينة فأجّل حكمك عليها حتى تدرسها وتفهمها جيداً. بعد ذلك لك الحق في أن ترفضها

ابق خيالك واسعاً غير محدود، لكن ابق معرفتك وعلمك محدوداً بما يمكن تأكيده وتوثيقه

Comments are closed.