الحفرة الزرقاء في بحر الصين الجنوبي ربما تكون الأعمق

كتابة: استيفاني باباس.
ترجمة: قيصر حيدر.
مراجعة: عبد الحميد شكري. 

وجد استكشافٌ حديثٌ للحفرة الزرقاء الأسطورية في بحر الصين الجنوبيّ أن هذا المَعْلم المائي هو الأعمق في الأرض. حيث يصل عمق حفرة التنين (أو لونغ دونج) إلى 987 قدمٍ (أو 300.89متر) وفقاً لوكالة شينخوا للأخبار، وهي بذلك أعمق بكثيرٍ من حامل الرقم القياسيّ السابق وهي حفرة دين الزرقاء في البهاماس، والتي تُقدّر بحواليّ 663 قدمٍ (أو 202متر). وحسبما تقول وكالة شينخوا، تقول أسطورةٌ محليةٌ أن حفرة التنين وردت في رواية سلالة المينغ “رحلةٌ الى الغرب”، والتي تحكي قصة قردٍ خارقٍ يحصل على هراوةٍ سحريةٍ من مملكةٍ مائيةٍ يحكمها تنين.

يقول عالم الجيولوجيا البحرية من جامعة تكساس إيه آند إم في غالفيستون والذي يجري أبحاثاً في الحفر الزرقاء والكهوف البحرية لمنطقة الكاريبي وهو بيت فان هينقستيم أن الاكتشافات لم تؤكَّد ولم تُعاين من قبل العلماء المختصين في الميدان بعد، ولكن حفرة التنين ستكون أعمق بكثيرٍ من حفرة دين الزرقاء إن تم التأكيد.

عجائبٌ تحت الماء
يقول بيت فان هينقستيم لموقع لايف ساينس أن الحفر الزرقاء هي كهوفٌ مملوءةٌ بالماء تتشكل من حجارةٍ كربونيةٍ كالحجر الجيري. حيث تتحلل الصخور الكربونية على مدى فتراتٍ طويلةٍ من الزمن تحت السطح لإعطاء تجاويف أو كهوف. ويضيف هينقستيم: “في النهاية، ستتسبب عملية التحلل أن يصل للكهف قريباً جداً من سطح الأرض، وإذا انهار سقف الكهف سيؤدي ذلك لتشكيل حفرةٍ زرقاء أو كهوفٍ مائيةٍ“. وتنفتح بعض الحفر الزرقاء على البيئة البحرية، في حين تبقى أخرى في البر.

يعد السبب وراء تشكل هذه الثقوب في هذه الأماكن بالتحديد والعوامل التي تساعد على تطورها لغزاً محيراً. وتقول المختصة في العلوم الجيولوجية من جامعة كونيتيكت والدارسة لرواسب الحفر الزرقاء في البهاماس وهي ليزا بارك باوش أن التفاعلات الكيميائية للسطح البينيّ للمياه المالحة والعذبة يمكنها صنع أحماضٍ ضعيفةٍ، والتي ستؤدي لتآكل الصخور الجيرية والكربونية الأخرى. وكنتيجةٍ لذلك، يمكن أن يؤثر ارتفاع وانخفاض مستويات البحر على مكان وزمان تتشكل الحفر الزرقاء.

تقول باوش مخبرةً لايف ساينس: “هناك أيضاً مجموعةٌ من الباحثين الذين ينظرون في دور العملية الميكروبية”. إذ تقول باوش أن النشاط الميكروبي قد يساعد في تحلل الطبقة السفلى والمساهمة في تشكّل الحفر الزرقاء في بعض الحالات. وبالإضافة إلى الميكروبات، تعد هذه الحفر الرائعة الجمال منزلاً لكائناتٍ أخرى أيضاً.

 

حياة الحفر الزرقاء
تقول باوش: “إنه لمن المثير معرفة ما الذي يعيش حقاً في هذه الحفر”، حيث وصفت البيئة في الحفر بـ “الخفية”. ووفقاً لشينخوا، استخدم العلماء في معهد بحوث مسار سفينة سانشا لحماية المرجان في الصين ربوتاً مائياً ومقياساً للعمق ليكتشفوا البيئة الغامضة في حفرة التنين، والتي تعد مكاناً معروفاً في منطقة يونغل، حيث توجد شعبٌ مرجانيةٌ بالقرب من جزر كشيشا ببحر الصين الجنوبيّ. حيث أخبر الباحثون وكالة شينخوا في 22 من شهر يوليو (تموز) أنهم عثروا على أكثر من 20 نوعاً من الكائنات البحرية تعيش في الأجزاء العلوية للحفرة، بينما لا يوجد في الحفر الزرقاء أي أوكسجين في عمق حوالي 328 قدمٍ (أو 100مترٍ)، وبهذا فالحياة قليلةٌ.

تقول باوش أن الغوص في هذه الحفرة يعد خطيراً للغاية. وتضيف: “أحد أسباب كونها خطيرةً هو وجود الأوكسجين بكميةٍ محدودةٍ من جهةٍ، ولوجود مياهٍ كبريتيةٍ من جهةٍ أخرى”. يقول فان هينقستيم أنه من الممكن للغواصين المدربين جيداً أن يقوموا بهذه الرحلة. وفي الحالات أخرى، يقوم الباحثون بإرساء قاربٍ فوق الحفرة الزرقاء ثم يرسلون الأدوات لقياس العمق، درجة الحرارة، توافر الأكسجين، وعوامل أخرى. يجري كلٌّ من باوش وفان هينقستيم بحثاً على الرواسب في قاع الحفرة. حيث تحمل الرواسب معلوماتٍ عن البيئة السابقة، التغيرات المناخية، والأحافير أحياناً.

يقول فان هينقستيم أنه من المرجح أن حفرة التنين في بحر الصين الجنوبيّ نشأت في بيئةٍ مماثلةٍ للحفرة الزرقاء في البهاماس. ويضيف بأن ماء البحر يملأ الكثير من الحفر الزرقاء في البهاماس، والتي من المرجح أنها نشأت كثقوبٍ في العصر الجليديّ عندما كان مستوى ماء المحيط منخفضاً، ولكنها امتلأت لاحقاً بالماء في نهاية العصر الجليديّ، عندما ذابت الأنهار الجليدية وارتفع منسوب مياه البحر.

تقول باوش أن البهاماس تتموضع على صفيحةٍ كربونيةٍ كبيرةٍ والتي يصل سمكها في بعض الأماكن حتى 2000 قدم (أو 610متر). بعض هذه الحجارة الكربونية مبنيةٌ من كائنات الشعاب كالمرجان، والتي تفرز كربونات الكالسيوم كنوعٍ من الحماية لنفسها. ولكن باوش تقول أن كربونات الكالسيوم ربما تأتي من أماكن أخرى، كالطحالب الجيرية (وهي طحالبٌ مع سطح كربونات كالسيوم قاسٍ) وحتى مع براز الأسماك.

تقول باوش: “يأكل السمك الشعب المرجانية، فهي تقضمها كسمكة الببغاء على سبيل المثال. فعندما تذهب للغوص فستسمع أصواتاً مثل ‘كليك، كليك، كليك، كليك، كليك ‘، وهذه الأصوات هي أسماك الببغاء التي تتغذى على الشعب المرجانية. وكما هو معروفٌ، ما يدخل سيخرج مرةً أخرى”.

المصدر: (scientificamerican)

استيفاني باباس (Stephanie Pappas)
الأخبار شينخوا (Xinhua News)
البهاماس (the Bahamas)
حفرة دين الزرقاء (Dean’s Blue Hole)
سلالة مينغ (Ming dynasty)
جامعة تكساس إيه آند إم (Texas A&M University)
غالفيستون (Galveston)
بيت فان هينقستيم (Pete van Hengstum)
لايف ساينس (Live Science)
جامعة كونتيكت (University of Connecticut)
ليزا بارك باوش (Lisa Park Boush)
معهد بحوث مسار سفينة سانشا لحماية المرجان (Sansha Ship Course Research Institute for Coral Protection in China)
منطقة يونغل (Yongle)
جزر كشيشا (Xisha Islands)
سمكة الببغاء (parrotfish)

السعودي العلمي

Article Tags

Comments are closed.