مرض الريسُس: عندما يحارب جسم الأم جنينها

ترجمة: أمل العنزي.

تُعرّٓفُ مولدات الضد بأنها جسيماتٌ غريبةٌ (كالسموم، الفيروس، أو البكتيريا) تحفز إنتاج الأجسام المضادة، والأجسام المضادة هي عبارةٌ عن موادٍ بروتينيةٍ تنتجها خلايا الدم البيضاء استجابةً لوجود مولدات الضد الغريبة. ولتوضيح الأمر بمثال؛ يدخل فيروس الانفلونزا (وهو هنا مولد الضد) للجسم، فيتسبب بإنتاج الأجسام المضادة وإطلاقها في مجرى الدم، ومن ثم سترتبط الأجسام المضادة بمولدات الضد (وهي الفيروسات في مثالنا هذا) لتقوم بتدميرها. إن هذا التفاعل ما بين مولدات الضد والأجسام المضادة يعرف بالاستجابة المناعية.

إنك عندما تتلقى لقاحاً فإنك في الحقيقة تتلقى مولدات ضدٍ ضعيفةً أو ميتةً لغرض تحفيز خلايا الدم البيضاء لإنتاج الأجسام المضادة، وهذه الأجسام المضادة بدورها ستبقى في دمك لتقيك من مولدات الضد هذه عندما تهاجم جسمك مستقبلًا.

إن حالة الريسُس تُعد مثالاً آخراً على تفاعل مولدات الضد مع الأجسام المضادة، فالشخص الذي يمتلك ريسُس موجباً لديه غلافٌ بروتينيٌ (مولدٌ للضد) على خلايا دمه الحمراء؛ وهو أمرٌ طبيعيٌ ويُولد به الشخص، وكذلك يمتلك الأشخاص ذوي الريسُس السالب خلايا دم حمراء طبيعيةً، لكنها تفتقر لوجود مولد الضد وهو العامل الريسُس.

لو حبلت امرأةٌ تمتلك عامل ريسُس سالبٍ من رجلٍ يمتلك عامل ريسُس موجبٍ فسيمتلك جنينهم عامل ريسُس موجب أو سالب، ويكمن الخطر فقط عندما يمتلك الجنين عامل ريسس موجب (لأنه مختلف عن العامل السالب للأم). حيث يمكن أن تنفذ بعض خلايا دم الطفل التي تحوي مولد الضد وهو عامل الريسُس إلى مجرى دم الأم، وذلك خلال ولادة أول طفلٍ لها يمتلك عامل ريسُس موجبٍ من أمٍ تمتلك عامل ريسُس سالبٍ. سيُحسس ذلك الأم لكي ينتج عندها جسم الأم كميةً قليلةً من الأجسام المضادة لعامل الريسُس. ولأن هذا الأمر يحدث أثناء الولادة، فإن الطفل الأول لا يتأثر به ويكون طبيعياً في العموم، وقد يحدث هذا التحسس لعامل الريسُس أيضاً عند الإجهاض أو عند نقل دمٍ ذي عاملٍ ريسُس موجبٍ.

تبدأ المشكلة بالتجلي عند الحمل الثاني ذو عامل الريسُس الموجبٍ، فعندما يكون الجنين حاملاً لعامل الريسُس الموجبٍ ستدخل حينها الأجسام المضادة التي تكونت لدى الأم عند الحمل الأول لتهاجم خلايا الدم الحمراء للجنين وتدمرها؛ لكن الجنين سيحاول تعويض خسارته لكريات الدم الحمراء بالقيام بتكوين خلايا دم حمراء جديدةٍ ولكنها غير ناضجةٍ تُسمى الأرومة الحمراء؛ ما يتسبب بإنجاب طفلٍ مصابٍ بانحلال الدم الوليدي أو الأرام الحمر الجنينية، كما من الممكن أن يحدث انحلال الدم الوليدي في الحمل الأول في حال تم نقل دم ذو عامل الريسُس موجبٍ للأم مسبقًا.

اليرقان (اصفرار الجلد) هو إحدى أعراض انحلال الدم الوليدي، والذي ينتج عن زيادة تدمر كريات الدم الحمراء؛ حيث ينتج صبغ البيليروبين من الهيموجلوبين الخارج من تفكك خلايا الدم الحمراء، مما يتسبب بارتفاع في نسبة البيليروبين في الدم. ويتم تعريض الطفل حديث الولادة للضوء (العلاج بالضوء) لمنع البيليروبين من الإضرار بخلايا دماغه، حيث يحلل الضوء البيليروبين الذي يتم إخراجه من جسم الرضيع.

يعطي الأطباء أجساماً مضادة لعامل الريسُس للمرأة التي ذات عامل ريسُس السالب خلال ٧٢ ساعة بعد الولادة أو إجهاض طفلٍ ذي عامل ريسُس موجبٍ. حيث ترتبط هذه الأجسام المضادة التي يعطيها الطبيب للمرأة بخلايا عامل الريسُس الموجب التي استطاعت النفاذ لمجرى دم الأم من الجنين، وذلك من أجل منع تكوين أجسام مضادة؛ ما يحمي الرضع المستقبليين من الإصابة بانحلال الدم الوليدي.

المصدر: The Language of medicine by Davi Ellen Chabner

مولدات الضد Antigen
أجسام مضادة Antibodies
عامل ريسُس سالب Rh-ve
عامل ريسُس موجب Rh+ve
البيليروبين Bilirubin
الهيموجلوبين Hemoglobin
العلاج بالضوء Phototherapy
اليرقان Jaundice
الأرومة الحمراء Erythroblast
انحلال الدم الوليدي neonatal hemolytic disease
الأرام الحمر الجنينية erythroblastosis fetalis

السعودي العلمي

Comments are closed.