هل تستطيع كابلات الألياف البصرية تحت الماء رصد الزلازل؟

كتابة: ماريا تيمينغ.
ترجمة: آسيه الشهراني.

يُمكن للشبكة العالمية من كابلات قاع البحر أن تكون مفيدةً أكثر من اقتصارها على نقل الاتصالات الرقمية بين القارات، إذ يقول باحثون في دراسةٍ نُشرت في دورية ساينس على الإنترنت في الرابع عشر من يونيو (حزيران) الماضي بأن هذه الكابلات المصنوعة من الألياف الضوئية يمكن أن تستخدم كراصدٍ للزلازل تحت الماء أيضاً، وتقول خبيرة الزلازل بجامعة كاليفورنيا في بيركلي والجامعة الفرنسية في باريس وهي باربرا رومانوفيتش: “إنه اقتراحٌ مثيرٌ للغاية”.

توجد جميع محطات رصد الزلازل في جميع أنحاء العالم على الأرض، مما يحول من دون اكتشاف أيّاً من الزلازل المحيطية، وتُشير رومانوفيتش إلى أن تسخير ما يزيد على مليون كيلومترٍ من كابلات الألياف الضوئية تحت سطح الماء لمراقبة زلازل قاع البحار ستكون “خطوةً كبيرةً إلى الأمام” لدراسة داخل الأرض. وبالإضافة لذلك، يمكن للكابلات الراصدة للزلازل أيضاَ تعزيز أنظمة إنذار التسونامي، ويقول الكاتب المشارك في الدراسة وخبير الزلازل في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية في إدنبره وهو ريتشارد لوكيت: “كلما زادت محطات رصد الزلازل التي تُغذي أنظمة إنذار التسونامي كلما زادت سرعة إعطائها للتحذير”.

لاستخدام كابل الاتصالات كجهاز استشعارٍ للزلازل، قام الباحثون بحقن شعاع ليزرٍ في أحد طرفي الألياف البصرية وراقبوا الضوء الذي خرج من الطرف الآخر، فشوهت الموجة الزلزالية شعاع الليزر الذي يمر عبر الكابل عندما هزته. وبمقارنة إشارة الليزر الأصلية بالإشارة التي تخرج من الكابل، تمكن الباحثون من تحديد مدى تشوه الشعاع على طول الطريق، وبالتالي حددوا قوة الموجة الزلزالية التي لامست الكابل. ويوضح المؤلف المشارك في الدراسة والباحث في مجال التردد في المختبر الفيزيائي الوطني في تدينجتون بإنجلترا وهو جوزيبي مارا أنه يُمكن تحديد موقع نقطة الزلزال باستخدام علم المثلثات، وذلك بجمع القياسات من عدة كابلاتٍ للأليافٍ الضوئية، وسيتمكن الباحثون من تحديد حجم الزلزال الأصلي بمجرد أن يعرفون مكان بداية الموجة الزلزالية ومدى قوتها عند مرورها خلال الكابل.

علم الزلازل تحت الماء
استشعر كابل ليفٍ ضوئي تحت الماء ممتدٍ من مالطا إلى صقلية حدوث زلزالٍ بقوة 3.4 درجة في البحر المتوسط في الثاني من سبتمبر (أيلول) عام 2017مـ، وأكد الباحثون هذا الرصد من خلال جهازي قياس الزلازل القريبين، أحدها بالقرب من مالطا عند نهاية طرف الكابل وهو الأقرب إلى مركز الزلزال، حيث رصد الهزة الأرضية قبل الكابل، كما رصده جهاز قياس الزلازل بالقرب من حدود صقلية بعد فترةٍ وجيزةٍ.

اختبرت مارا وزملاؤها تقنيتهم لرصد الزلازل في كلٍ من كابلات الألياف الضوئية الأرضية وتلك الموجودة تحت الماء، حيث استشعر كابلٌ طوله 79 كيلومتراً في جنوب انجلترا اهتزازات الزلازل التي نشأت في نيوزيلندا واليابان والتي رصدتها أجهزة قياس الزلازل بقوة 7.9 و 6.9 درجةٍ على التوالي. واستشعرت كابلات أرضية أخرى في المملكة المتحدة وإيطاليا زلزالٍ بقوة 7.3 درجة هزّ الحدود العراقية الإيرانية في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2017مـ، كما أن الكابل الممتد تحت الماء لمسافة 96 كيلومتراً من صقلية إلى مالطا رصد هزةً بلغت قوتها 3.4 درجةً صادرةً من وسط البحر الأبيض المتوسط في سبتمبر(أيلول) من عام 2017مـ. وتقول مارا بأن تقنية مستشعر الزلازل هذه لا تزال بحاجةٍ إلى تطبيقها على كابلاتٍ أطول تعبر المحيطات لاختبارها.

يمكن لكابلات الألياف الضوئية التي تحدد الزلازل البعيدة عن البر أن تقدّم رؤيةً جديدةً للعمليات الجيولوجية تحت سطح البحر، حيث يُشير لوكيت أن بإمكان الباحثون الاستفادة مثلاً من النظرة الجديدة لحركات قاع البحار في فهم كيفية إنشاء البراكين لقشرةٍ محيطيةٍ جديدةٍ في حافة وسط المحيط، وتُفيد رومانوفيتش بأن مراقبة النشاط الزلزالي لقاع البحر يمكن أن يُساعد العلماء أيضاً في دراسة أعمدة الوشاح، والصخور الساخنة المتقلبة والطافية داخل وشاح الأرض.

المصدر (ScienceNews)

المصطلحات:
كابلات الألياف الضوئية Fiber-optic cables
جامعة كاليفورنيا University of California
الجامعة الفرنسية Collège de France
باربرا رومانوفيتش Barbara Romanowicz
الزلازل المحيطية Oceanic earthquakes
تسونامي Tsunami
ريتشارد لوكيت Richard Luckett
مستشعر الزلازل Seismic sensor
رسم مثلث Triangulate
جوزيبي مارا Giuseppe Marra
المختبر الفيزيائي الوطني في تدينجتون The National Physical Laboratory in Teddington
جهاز قياس الزلازل Seismometers
حافة وسط المحيط   Mid-ocean ridges
أعمدة الوشاح Mantle plumes
وشاح الأرض   Earth’s mantle

السعودي العلمي

Comments are closed.