الذكاء الإصطناعي: ما هو وأين وصل اليوم؟

هذا المقال يأتيكم برعاية المعرض السعودي للذكاء الإصطناعي والحوسبة السحابية.
كتابة وتحرير فريق السعودي العلمي.

أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً في صناعة التقنية الحديثة، ومن أبرز المجالات التقنية الواعدة التي تتسم بالتقدم السريع، وتحظى بزخمٍ إعلامي متصاعد. فما هو الذكاء الاصطناعي وكيف يؤثر على حياتنا؟

ابتكر جون مكارثي في معهد ماساتشوستس للتقنية مصطلح الذكاء الاصطناعي في عام 1956مـ، وذلك خلال اجتماعٍ للباحثين في مدينة دارتموث حول تطوير مفاهيم “تفكير الآلات”، وعرّفه مكارثي بأنه فرعٌ من علوم الحاسوب يُعنى بصناعة حواسيبٍ تتصرف مثل البشر، وقد اُختير مصطلح الذكاء الاصطناعي ليشمل المسارات الأخرى بما فيها علم التحكم الآلي، ونظرية الأتمتة، ومعالجة المعلومات المعقدة.

يُعرّف الذكاء الاصطناعي في المعجم الحديث بأنه مجالٌ فرعيٌّ من علوم الحاسوب يُعنى بالكيفية التي تمكّن الآلات من تقليد الذكاء البشري، وتتصرف بشكلٍ شبيهٍ بالإنسان. بينما عُرّف في قاموس أكسفورد ليفينغ بأنه: ” نظرية وتطوير أنظمة الحاسوب القادرة على أداء المهام التي تتطلب ذكاء الإنسان عادةً، مثل الإدراك البصري، التعرّف على الكلام، اتخاذ القرار، والترجمة بين اللغات”. وفي الموسوعة البريطانية جاء تعريف الذكاء الاصطناعي بأنه قدرة حاسوبٍ رقميٍّ أو روبوتٍ يتحكم فيه الحاسوب، على أداء مهامٍ ترتبط بالكائنات الذكية غالباً. ويُقصد بالكائنات الذكية أي التي تملك القدرة على التكيّف مع الظروف المتغيّرة.

هل الذكاء الاصطناعي ذكيٌ فعلاً؟

يُعبّر عالم الرياضيات والحاسوب الشهير آلان تورينغ عن فكرة تملّك الآلة للذكاء وممارسة التفكير في تساؤله: ” هل يمكن للآلة أن تفكر؟” ,وضع اختباره الشهير لاختبار قدرة الآلات على التفكير بطريقة مشابهة للبشر المعروف باختبار تورينغ. وفي مقارنة بين البشر والآلة يصِف بروفيسور علوم الحاسوب في جامعة نيويورك ارنست ديفيس صعوبة برمجة الحواسيب على المهام المعرفية التي يؤديها الإنسان بسهولة ودون وعي منه. وقدرة الآلة على التصرف بطريقة مشابهة للبشر مرهونٌ بتوفر معلوماتٍ غزيرةٍ تتعلق بالعالم من حولها، فالذكاء الاصطناعي يكون فاعلاً عند توفّر قاعدةٍ هائلةٍ من البيانات لبناء الحس السليم، القدرة على التفكير، وحل المشكلات في الآلات.

هل الذكاء الاصطناعي صديقُ أم عدو؟

هناك عددٌ من التساؤلات التي تُطرح حول القيود التي تحقق مصداقية الذكاء الاصطناعي، فهل يمكننا تفسير سبب الخيارات والقرارات التي تتخذها الآلات؟ وهل البيانات التي تحتاجها متاحةٌ بالقدر الكافي لاتخاذ قراراتٍ سليمة؟ وما مدى شفافية الخوارزميات المستخدمة في أنظمة الذكاء الاصطناعي؟ وهل هناك أيّ تحيزٌ في البيانات؟ أو شيءٌ من التحيّز في طريقة جمعها؟

من أبرز ما دار حوله الجدل هي السيارات ذاتية القيادة، حيث أنها تُصمم بأقل أخطارٍ وخسائر ممكنة، إلا أن هناك معضلاتٌ أخلاقيةٌ أمام هذا النوع من الذكاء، فإذا خُيّرت السيارة بين أن تصطدم بأشخاص على الطريق أو تُودي بحياة راكبها بمعنى أن تصبح أرواحهم تحت قرار الآلة فما الذي تختاره؟ ومن يتحمّل مسؤولية قرارات الآلة قانونياً في مواقف كهذه؟

ومن أبرز المخاوف المطروحة هي أن يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً من البشر وأن تنتقل دفة التحكم من تحكم البشر بالآلة إلى تحكّم الآلة بالبشر. وهذا الفكرة بعيدةٌ عن الواقع إلى حدٍ كبير، كما أنّ عبارة “أكثر ذكاءً” تُعد مقياسًا خطيًا واحدًا للذكاء، وهو وصفٌ غير واقعيٍ وغير موجود. حيثُ يُمكن للآلات التفوق على البشر في بعض المهام، بينما ستكون أضعف وأسوأ في مهامٍ أخرى.

التأثير المستقبلي للذكاء الاصطناعي على المجتمع والاقتصاد

من التنبؤاتٌ المحتملة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي هو أن يُسهم في تركيز الثروة لدى طبقةٍ محصورةٍ من الناس. لكن يُمكننا تفادي ذلك من خلال تيسير سُبل التعاون وربط المنتجين بالعملاء بما يسمح لمزيدٍ من الأفراد والشركات الصغيرة بالعمل بشكلٍ مستقل ومُساهمٍ في اقتصاد الدول، بدلاً من الاعتماد على الشركات الكبيرة للحصول على وظائف. ومن ناحيةٍ أخرى، سيوفر الذكاء الاصطناعي وصولاً أكبر للبشر إلى المعرفة والتعلم الفردي، إزالة الحواجز اللغوية بين الشعوب، والقضاء على الأعمال الكادحة والمتكررة بإحلال الروبوتات للقيام بتلك الأعمال.

ويُلاحظ اليوم التطوّر الملموس والموثوقية في مجالات تقنيات التعرف على الكلام، التعرف البصري على الأشياء والسلوكيات، الإجراءات الآلية اليومية، والقيادة الذاتية. كما يُتوقع أن تتحسن جودة أنظمة فهم النصوص والمواد المرئية، وأن تصل الروبوتات إلى مستوى إظهار المعرفة العامة والربط بين التعلم والأداء. أما فيما يتعلق بأنظمة الذكاء الاصطناعي المتخصصة في اكتساب وتنظيم المعرفة العلمية وإدارة الفرضيات المعقدة، فلها تأثيرٌ كبيرٌ في المجال الطبي والأحياء الجزيئية. ويُتوقع أن نلمس أثراً مشابهاً في العلوم الاجتماعية والسياسة خصوصاً مع تدفق البيانات التي يمكن للآلات قراءتها عن الأنشطة البشرية والقيم الإنسانية. وعلى الرغم من أن تقنيات الذكاء الاصطناعي سريعة التطور إلا أنها لا تزال في بداياتها، ولطالما كان التنبؤ بالقفزات العلمية أمراً بالغ الصعوبة على مدى تاريخ الاكتشافات العلمية، فمن يدري قد يفاجئنا المستقبل بالكثير.

المصادر
Forbes
Live Science
Techopedia
Mckinsey
Investopedia

هذا المقال هو جزءٌ من حملة التعريف بتقنية الذكاء الإصطناعي من سلسلة الثورة الصناعية الرابعة، ويأتيكم بشراكةٍ إعلاميةٍ مع المعرض السعودي للذكاء الإصطناعي والحوسبة السحابية، والمقام في مدينة الرياض ما بين 3-5 أكتوبر. ولمعرفة المزيد عن المعرض والتسجيل لحضوره تفضلوا بزيارة الموقع الإلكتروني للمؤتمر.

السعودي العلمي

Comments are closed.