كيف تشكل مذنب بي67 بشكلٍ غير منتظم؟

ترجمة: نداء البابطين

استنتج الباحثون أنه من المحتمل أن المذنب تشكل عندما اصطدم جسمين منفصلين ببعضهما خلال المراحل البدائية من تكون النظام الشمسي، وفقاً لورقة علمية نُشرت يوم الاثنين في مجلة نيتشر (Nature journal).

ذكرت دراسةٌ منشورةٌ يوم الإثنين الموافق للثامن والعشرين من سبتمبر بأن شكل “البطة المطاطية” المميز للمذنب الذي يحمل المسبار الأوروبي الآلي عبر الفضاء كان ناتجاً عن أثر تصادمٍ منخفض السرعة بين جسمين، واللذان انصهرا ببعضهما منذ مليارات السنين.

ترك الشكل الغريب لمذنب “تشوريوموف-جيراسيمنكو\بي 67” ذو الفصين العلماء في حيرةٍ من أمرهم، منذ أن ظهر هذا المتجول الكوني القديم لأول مرةٍ في عدسة كاميرا المركبة الفضائية روزيتا في العام الماضي.
هل كان المذنب نتيجةً لاصطدامٍ، أو هل تشكلت “الرقبة” المركزية التي تربط بين “رأس” و”جسم” المذنب خلال عملية التآكل؟

يقول فريقٌ دوليٌ أنه قد حل الآن، مؤكداً في مجلة نيتشر العلمية أن: “المذنب تشوريوموف-جيراسيمنكو\بي67 مركبٌ من جسمين مختلفين.” حيث قال العلماء: “لقد استنتجنا أن اصطداماتٍ معتدلةً ذات سرعةٍ منخفضةٍ وقعت بين مذنبين صغيرين متشكلين بالكامل واللذين يصل حجمهما إلى كيلومترٍ واحدٍ في المراحل الأولى من النظام الشمسي”، والذي تشكل قبل نحو 4.6 بليون سنة.

وتم العثور على الدليل في الاختلافات بين طبقات الفصين المشابهة لطبقات البصل كما أوضح العلماء. حيث اكتشف الفريق باستخدام نظم تصويرٍ متطورةٍ على متن المركبة روزيتا بأن الفص الأكبر يتكوّن من طبقاتٍ يصل سمكها إلى 650 متراً (2100 قدم)، وهي “مستقلةٌ بشكلٍ واضحٍ” عن الطبقات في الفص الأصغر.

لكن العلماء قالوا بأنه هنالك العديد من أوجه الشبه، مما يرجح بأن المذنبين الصغيرين “تشكلا بشكلٍ مستقلٍ تماماً” قبل أن يصطدما ببعضهما البعض. وقال عضو الفريق ماتيو ماسيروني في مؤتمرٍ صحفيٍ بث يوم الاثنين: “من المفترض أن هذان الجسمان اصطدما ببعضهما ببطءٍ شديدٍ ومن ثم اندمجا سوياً ببطءٍ كذلك، وإلا لما كان لدينا هذه التركيبة المرتبة (مثل البصل).” وأضاف قائلاً: “من المرجح أن الجسمين لم يتشكلا في نفس المكان، ولكنهما تشكلا بنفس الطريقة.”

لقد وصلت مركبة روزيتا التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية للمذنب ودخلت في مداره في 6 أغسطس من العام الماضي، بعد رحلةٍ امتدت لعقدٍ كاملٍ و6.5 مليار كيلومترٍ (أربعة مليارات ميلٍ) عبر الفضاء. وبعد إطلاقها في مارس 2004، تم قذف المركبة في جميع أنحاء النظام الشمسي بمساعدة الجاذبية من المريخ والأرض على أربعة عمليات تحليقٍ قريبةٍ بين عامي 2005مـ و2009مـ، وذلك قبل أن يتم وضعها في حالة السبات في يونيو 2011 مـ للحفاظ على الطاقة. وفي يناير من العام الماضي استيقظت المركبة، وبدأت تقترب من المذنب.

هبوط متخبط
جاءت المفاجأة بعد ستة أشهر، فعندما تم الاقتراب والتركيز أكثر على كرة الغبار الجليدية، أصبح واضحاً أن المذنب “بي 67” أمتلك شكلاً غير منتظمٍ كالبطة المطاطية، وليس كما توقع العلماء بأن يكون شكله كالبطاطس المنتظمة.
تسبب هذا بتقييد اختيار موقعٍ لهبوط حمولة روزيتا الثمينة، وهي عبارةٌ عن مختبرٍ آليٍ بحجم غسالة الملابس بوزن 100 كيلوغرام (220 رطل) ويُطلق عليه اسم “فيلة”، والذي صُمم لكي يكتشف طبيعة ومكونات المذنب في الميدان.

وأخيراً، في 12 نوفمبر من العام الماضي، هبط فيلة على المذنب بعد سبع ساعاتٍ من التوتر وعض الأظافر، حيث نزل من روزيتا على بُعد 20 كيلومتراً، ولكن الهبوط كان وعراً وانتهى المطاف بالمسبار الصغير في خندق مظلل. وكان على متنها ما يكفي من الطاقة لعمل تجارب لمدة ثلاثة أيامٍ قبل الذهاب إلى السبات مرةً أخرى في 15 نوفمبر.

أعاد فيلة شحن نفسه مع اقتراب المذنب “بي 67” إلى الشمس، واستيقظ يوم 13 يونيو. إلا أنه عاد مرةً أخرى للصمت بعد أقل من شهرٍ والذي أجرى فيه ثمانية اتصالاتٍ متقطعةٍ مع الأرض. وفي هذه الأثناء، واصلت روزيتا واجباتها كمسبارٍ للمذنب مع لوحةٍ من 11 أداةٍ علميةٍ مكونةٍ من الكاميرات والرادارات، وأجهزة استشعار الموجات الدقيقة والأشعة تحت الحمراء وأجهزةٍ أخرى، وذلك لتحليل سطح المذنب والغازات التي تصدر منه.

لقد تم إطلاق هذه المهمة للكشف عن أسرار المذنبات، والتي يعتقد العديد من العلماء بأنها “انزرعت” في الأرض في وقتٍ مبكرٍ مع بعض عناصر الحياة.
وذكر ماسيروني لوكالة فرانس برس عبر البريد الإلكتروني: “هذا العمل يثبت لأول مرةٍ أن الاصطدامات والاندماجات المعتدلة تحدث بالفعل، وأنها تؤدي إلى أجسامٍ ذات أشكالٍ ثنائية الفص في النظام الشمسي المبكر.” وأضاف قائلاً: “إن نتائجنا تقدم فكرةً هامةً حول كيفية تشكل الكواكب والمذنبات، وفي حالة المذنبات أين حدث هذا التشكل.”

 

المصدر (phys)

تشوريوموف-جيراسيمنكو\بي 67: 67P/Churyumov-Gerasimenko
المركبة الفضائية روزيتا:
مذنبين صغيرين: cometesimals
ماتيو ماسيروني: Matteo Massironi
عمليات تحليقٍ قريبة: flybys
فيلة: Philae

Comments are closed.