محاربة الخلايا الجلدية الجذعية للسرطان

كتابة: كاثرين بورزاك.
ترجمة: أحمد نبيل بوزيد.
مراجعة: عبدالله جواد الشواف.




نجح باحثون من كلية طب هارفرد في التعرف على صنفٍ من الخلايا التي تتولى مهمة ابتداء سرطان الجلد (الميلانوما)، وهم يعملون أيضاً على تطوير علاجٍ يستهدف هذه الخلايا بشكلٍ خاص. حيث تمكن الباحثون في دراسةٍ كبيرةٍ من تمييز هذه الخلايا وربطها بتقدم المرض لدى البشر، بالإضافة إلى إثبات وجود جسمٍ مضادٍ يستهدف هذه الخلايا يقوم بإبطاء نمو الورم في الفئران. حيث من الممكن أن يقود هذا العمل إلى علاجٍ جديدٍ للميلانوما المقاومة. بالإضافة إلى ما له من آثارٍ واسعةٍ في مجال أحياء السرطان.

هناك إجماع متزايدٌ بين علماء أحياء السرطان بعدم تساوي جميع الخلايا السرطانية. حيث هناك مدرجٌ هرميٌ من الخلايا داخل الورم، حيث أن قليلاً من الخلايا فقط والمدعوة بالخلايا السرطانية الجذعية تمتلك القدرة على إنتاج أورامٍ جديدةٍ. كما تم تحديد هذا الصنف من الخلايا المنتجة للأورام والتعرف عليها في كثيرٍ من السرطانات، من ضمنها سرطان القولون، الدماغ، والثدي. إذ يُعتقد أن هذه الخلايا تلعب دوراً مهماً في مقاومة العلاج الكيماوي وتكرار السرطان.

كان الباحثون مسبقاً يقرنون وجود الخلايا السرطانية الجذعية بنتائج مرضى سرطان الثدي. أما الآن تمكن فريق هارفارد من إظهار اقترانٍ ثانٍ مهمٍ بين الخلايا السرطانية الجذعية والآثار العلاجية، والذي يربط بين وجود هذه الخلايا والسرعة التي يتقدم فيها المرض لدى البشر. يقول الأستاذ المساعد بمدرسة طب هارفرد ماكوس فرانك، والذي قاد بحث الميلانوما: “تمكنا ولأول مرةٍ بتحديد رابطٍ مباشرٍ بين الخلايا السرطانية الجذعية وبين تقدم السرطان”.

انبثق هذا البحث من دراسة فرانك لبروتينٍ تنتجه بعض أنواع الميلانوما والذي يمنح المقاومة للعلاج الكيماوي. وفي دراسةٍ نُشرت اليوم في مجلة نيتشر، ذكر فرانك و زملاؤه من مدرسة طب هارفرد ومستشفى بريجهام وومان في بوسطن، بأن خلايا الميلانوما البشرية المُصنِّعة لهذا البروتين يمكن وصفها بأنها خلايا سرطانية جذعية، لأنها تُنتج أوراماً عندما تُزرع في الفئران. حيث تبين بعد فحص عيناتٍ مأخوذةٍ من الميلانوما بأن الأورام التي أظهرت هذا البروتين كانت أكثر شراسةً من غيرها.

استطاعت مجموعة فرانك أيضاً أن تثبت بأن جسماً مضاداً يستهدف بروتين خلايا الميلانوما الجذعية بشكلٍ خاص قادرٌ على إبطاء نمو الورم في الفئران. وعلى الرغم من أن العديد من الباحثين المنكبين على إيجاد علاجاتٍ تستهدف الخلايا السرطانية الجذعية، إلا أن فرانك يؤمن بأن مجموعته هي الأولى في تطوير أجسامٍ مضادةٍ من هذا النوع.

يقول فرانك: “إن معظم العلاجات الحالية تستهدف جُل خلايا الورم، إلا أن الخلايا الجذعية المُقاومة تُترك جانباً”، وهذا يعطي الورم فرصةً للرجوع بعد أن بدا العلاج بالتقدم. يأمل فرانك وغيره من الباحثين بأن العلاجات التي تستهدف الخلايا السرطانية الجذعية بشكلٍ خاصٍ ستتمكن من القضاء على الأورام بالكامل.




يتفق العضو المؤسس لمعهد وايت هيد للبحوث الحيوية الطبية في كامبريدج بولاية ماساتشوسيتس  روبرت وينبرغ، ومدير مركز لودفيغ لعلم الأورام الجزيئي بمعهد ماساتشوستس للتقنية، بأن العمل الذي تقوم به هارفارد يضيف إلى الأدلة المتزايدة التي تشير إلى أهمية الخلايا السرطانية الجذعية. إذ يقول: “لا نعرف حقاً كيف تقوم الخلايا السرطانية بتجديد نفسها، أو كيفية علاج العديد من الأورام”. كما يقول أن بعض الباحثين غير مقتنعين، إلا أنه وآخرون كُثر يؤمنون بأن الخلايا السرطانية الجذعية تحمل بين ثناياها الإجابات لهذه الأسئلة. ويتوقع وينبرغ بأن الخلايا السرطانية الجذعية “ستكون مهمةً جداً”. كما أنه يؤمن بأن الأدلة على أهميتها تنمو بالتأكيد ولو بشكلٍ بطيءٍ.

يقول فرانك بأن هناك الكثير ليتم تعلّمه حول الخلايا السرطانية الجذعية للميلانوما التي تم التعرف عليها مؤخراً. فعلى سبيل المثال، لا يزال من غير الواضح فيما لو كان هذا البروتين، الذي ركّز عليه باحثوا هارفارد، ما يجعل الخلايا تتصرف كخلايا سرطانيةٍ جذعيةٍ، أم أنه مجرد علامةٍ على هذه الخلايا. حيث ستُطلع المزيد من الدراسات لنمط التعبير الجيني الخاص بهم الباحثين أكثر عن معرفة ما يجعل الخلايا السرطانية الجذعية مختلفةً عن بقية خلايا الميلانموما. وفي نفس الوقت، سيستمر باحثوا هارفرد في تطوير الأجسام المضادة الخاصة بهم، أملاً من نقلها إلى التجارب الإنسانية.

المصدر: (technologyreview)

كاثرين بورزاك (Katherine Bourzac)
كلية طب هارفرد (Harvard Medical School)
الميلانوما (melanoma)
ماكوس فرانك (Markus Frank)
مجلة نيتشر (Nature)
مستشفى بريجهام وومان (Brigham and Women’s Hospital)
معهد وايت هيد للبحوث الحيوية الطبية (Whitehead Institute for Biomedical Research)
روبرت وينبرغ (Robert Weinberg)
مركز لودفيغ لعلم الأورام الجزيئي (Ludwig Center for Molecular Oncology)
معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT)

Comments are closed.