الأمل يُعد مؤشراً أفضل للنجاح الأكاديمي أكثر من الذكاء

 ترجمة: نورة النزهة.
مراجعة: ريم عبدالله.

إن النجاح في المدرسة أو الجامعة يتطلب ما هو أكثر من مجرد حفظ كمٍ ضخمٍ من المعلومات وترك انطباعٍ حسنٍ لدى الأساتذة المحاضرين بأفكارٍ ذكيةٍ، فهناك مجموعةٌ متزايدةٌ من الأدلة العلمية اليوم التي تدعم الاستنتاج القائل بأن كونك مُفعماً بالأمل ذو تأثيرٍ إيجابيٍ واضحٍ على الأداء الأكاديمي. حيث فحصت ورقةً علمية من جامعة كانساس الكيفية التي قد يرفع بها وجود الأمل من التحصيل العلمي على مدى ستة أعوامٍ، فوُجد أن الطلبةَ ذوي الأملِ المرتفع حصلوا على معدلاتٍ تراكميةٍ أعلى، وكان من المرجح تخرجهم أكثر من الطلاب ذوي الأمل المتدني.

كما أظهرت دراسةٌ منفصلةٌ أجراها فريقٌ من الباحثين البريطانيين واستمرت لثلاث سنواتٍ أن الأمل لا يرتبط بالنجاح الأكاديمي فحسب، ولكنه مؤشرٌ كبيرٌ للنجاح بالمقارنة مع اختبارات الذكاء، الشخصية، أو عما إذا أبلى الأفراد أداء حسناً في البيئات الأكاديمية سابقاً. ولكن ما هو الأمل؟ تستند الدراساتُ الحديثة في تعريفها على نظرية أخصائي علم النفس الإيجابي ريك سنايدر التي وضعها عام 1990مـ، حيث رأى سنايدر الأمل على أنه “عمليةً فكريةً تسمحُ للأفرادِ بالتخطيطِ والالتزامِ بمواصلة أهدافهم”، وتقدم نظرية الأمل المنفصلة لسنايدر بصيرةً أكبر عن مفهوم الأمل.

لخص سنايدر نظريته في ورقةٍ علميةٍ نشرها عام 1991مـ، فقال أنها “مجموعةٌ معرفيةٌ قائمةٌ على إحساسٍ مستمدٍ تبادلياً بين القوة الناجحة (التحديد المباشر للهدف) والسبل (التخطيط لتحقيق الأهداف)”. بعبارةٍ أخرى، إن من الضروري للأمل أن يشعر الإنسانُ بامتلاك القوة (القدرة على تحقيق التغيير) والطريق لتحقيق التغيير، وسيقودُ الدافع المرء إلى تحقيق الأهداف المحددة إذا توفر هذين الشرطين.

إن التفكير بالأمل على هذا النحو أمرٌ هامٌ، فالرغبة في إتمام أمرٍ ما لا يكف ولا بد من السعي لتحقيق الأهداف، ولهذا يكون الشعور بالاقتراب منها أمراً أساسياً، حيث سيحافظ الأمل على نهجٍ يركز على الهدف وسط تقلبات الحياة. ووفقا لما يقول الباحثون، إن لم يكن لديك أملٌ فمن المحتمل أنك تستخدم “أهداف الإتقان”، أي أنك تختار المهام البسيطة الممكن تحقيقها والتي لا تتحداك ولا تساعدك على النمو، ويشير تحقيق أهداف الإتقان إلى فقدان الفرد السيطرة على ما يحيط به، ما يُسهل التخلي عنها.

حتى مع كلّ تلك التعاريف، يمكن للأمل أن يكون مفهوماً غامضاً بعض الشيء، ولذلك قام سنايدر بتطويرِ ما يُعرف بـ “مقياس الأمل” لقياسه داخل كلّ فردٍ، ما يسهِّل من إجراء الأبحاث في هذا الموضوع. وبنت دراسةٍ أجرها باحثو جامعة سانتا كلارا عام 2014 مـ بقيادة ديفيد بي فيلدمان على أبحاث سنايدر كأساسٍ لهم، وفحصوا الفرق بين دور الأمل والتفاؤل على التحصيل الدراسي، فتوصلت الورقة البحثية إلى أن الأمل المرتفع يُنبئ بمعدلٍ تراكميٍ أعلى، ولقد وجد العلماء أن الأمل هو أكثر مؤشرٍ ثابتٍ لمعدلٍ تراكمي أعلى في الواقع، متفوقاً بذلك على التفاؤل. ولكن لماذا؟

يبدو أن كوّن الشخص متفائلاً هو أمرٌ عامٌ في طبيعته، فالتفاؤل هو نظرةٌ تجاه الحياة (اعتقادٌ مُوجَّه بالحاضر بأن كل شيءٍ سيكون على ما يرام) وليس نهجاً محدداً بهدفٍ محددٍ. ولقد فهم سنايدر التفاؤل بأنه توقع نتائجٍ إيجابيةٍ دون وضع اعتبارٍ لأفعال المرء، بينما يفترض الأمل على الكفة الأخرى المشاركة الفعالة لتحقيق الأهداف، من خلال التخطيط والتحفيز.

حينما تكون في بيئةٍ تحتاج فيها لإنجاز العديد من الأهداف ككتابة البحوث، تدوين الملاحظات، التحضير للامتحانات، ووضع الخطط موضع التنفيذ، فأن كونك متأملاً سيكون رهاناً أفضل لضمان درجاتٍ جيدةٍ من أن تكون متفائلاً فقط. وتؤكد نتائج دراسة فيلدمان الدراسات السابقة التي أجراها علماء جامعة إنديانا، والتي أظهرت أن الأمل أفضل مؤشرٍ للنجاح مقارنةً بالتفاؤل بين طلاب كلية الحقوق.

على الكفة الأخرى، هنالك طرقٌ معينةٌ يمكن أن يساعد بها التفاؤل الطلاب بالعموم، حيث وجد باحثو جامعة إنديانا أن التفاؤل ساهم بتحقيق رضاً أكبر مع نهاية الفصل الأول، ووجدت دراسةٌ أخرى أن التفاؤل كان مرتبطاً مباشرةً بالدَّعمِ الاجتماعي في السنة الأولى من الكلية. ووُجد في هذه الحالة أن للطلاب المتفائلون شبكات صداقةٍ أكبر، مما يوفر لهم دعماً اجتماعياً أكثر في بيئةٍ مجهدةٍ. وإن أخر تأثيرٍ إيجابيٍ للتفاؤل في المدرسة هو أنه قادرٌ على مساعدتك للبقاء فيها، حيث أظهرت هذه الدراسة من جامعة كنتاكي علاقةً إيجابيةً بين التفاؤل الأكاديمي والبقاء، ويوصي العلماء بتدريس الأمل كتدخلٍ إصلاحيٍ أكاديمي لأن الأشخاص المتفائلين يميلون إلى إنهاء ما بدأوه بدلاً من التوقف.

المصدر (Big Think)

جامعة كانساس (University of Kansas)
علم النفس الإيجابي (Positive psychology)
ريك سنايدر (Rick Snyder)
جامعة سانتا كلارا (Santa Clara University)
ديفيد بي فيلدمان (David B. Feldman)
جامعة إنديانا (Indiana University)
جامعة كنتاكي (University of Kentucky)

السعودي العلمي

Comments are closed.