التأمل يساعد على علاج القلق ويعزز صحة القلب

ترجمة: سلمى سلمان.
مراجعة: سحاب أحمد الذايدي.

قد يبدو الأمر وكأنه إعلانٌ في وقتٍ متأخرٍ من الليل: يمكنك في غضون ساعةٍ واحدةٍ فقط تقليل مستويات القلق لديك وبعض عوامل الخطر المؤثرة على صحة القلب، إذ  أظهرت نتائجٌ أوليةٌ لدراسةٍ حديثةٍ على 14 مشاركاً أن جلسةً واحدةً من التأمل الواعي يمكن أن تكون ذو فوائد عظيمةٍ على الصحة النفسية وصحة القلب والأوعية الدموية، وذلك في البالغين الذين يعانون من قلقٍ خفيفٍ إلى معتدل.

جون دوروتشر هو أستاذٌ مساعدٌ للعلوم الأحيائية، وعرض نتائج الدراسة التي قام بها فريقٌ من باحثي جامعة ميشيغان التقنية للكشف عن العلاقة بين التأمل وقدرته على الحد من القلق، وذلك في اللقاء السنوي للأحياء التجريبية الذي عُقد في الفترة من 21 إلى 25 أبريل (نيسان) الماضي في سان دييغو، والذي يحضره حوالي 14000 شخص. ويقول دوروتشر: “إن ممارسة التأمل الواعي يقلل من الحِمل النبضي الأبهري والقلق لدى البالغين الذين يعانون من القلق الخفيف إلى المعتدل”.

كان من زملاء دوروتشر خريجة جامعة ميتشغان للتقنية الحديثة هانا مارتي، المحاضر في العلوم الأحيائية بريجيت مورين، وطالب الدراسات العليا ترافيس ويكهام، وشرحوا النتائج التي تُشير إلى أن الأربعة عشر شخصٍ المشاركون في الدراسة أظهروا انخفاضاً في معدل ضربات القلب وانخفاض الحمل النبضي الأبهري لديهم بعد ممارسة التأمل لمدة 60 دقيقة، والحمل النبضي الأبهري هو مقدار التغير في ضغط الدم بين انقباض وانبساط كل نبضة مضروباً في معدل ضربات القلب. كما ذكرت المجموعة أن معدلات القلق أصبحت أقل مما كانت قبل التأمل بعد فترةٍ قصيرةٍ من التأمل، وحتى بعد أسبوعٍ واحد.

يقول دوروشير: “أظهرت ساعةٌ واحدةٌ من التأمل تقليلاً لمعدلات القلق وبعض عوامل الخطر الصحية للقلب”. وفي حين أنه من المعروف جيداً أن التأمل على مدار عدة أسابيع يقلل من القلق، إلا أن هناك القليل من الدراسات البحثية الشاملة حول فوائد جلسةٍ تأملٍ واحدة، ولقد أراد فريق دوروشير فهم تأثير الوعي التام المؤقت على الإدراك وجهاز القلب والأوعية الدموية ليتمكنوا من تطوير علاجاتٍ مضادةٍ للقلق والتوتر.

دراسة الآثار الفسيولوجية للتأمل الواعي
يقول دوروشير بإن الدراسة تعتمد على مقترحٍ بحثيّ قدمته هانا مارتي والتي تخرجت حديثاً من معهد ميشيغان للتقنية والحاصلة على درجة البكالوريوس في الهندسة الطبية الحيوية، وسوف تلتحق بكلية الطب في ويسكونسن في يوليو (تموز) من هذا العام، ولقد صممت مارتي الدراسة لتشمل ثلاث جلسات:

  • جلسةٌ توجيهيةٌ يقوم الباحثون خلالها بقياس القلق باستخدام “مقياس بيك”، واختبار صحة القلب والأوعية الدموية عبر قياس تغيّر معدل ضربات القلب، قياس ضغط الدم أثناء الراحة، وتحليل موجة النبض.
  • جلسة تأملٍ تشمل تكرار اختبار القلب والأوعية الدموية والتأمل الواعي، بما يتضمن 20 دقيقةً من التأمل التمهيدي، 30 دقيقةً لفحص الجسم، و10 دقائق من التأمل الذاتي، بالإضافة إلى تكرار قياسات القلب والأوعية الدموية بعد التأمل مباشرة وبعد 60 دقيقة كذلك.
  • اختبار القلق بعد أسبوعٍ واحدٍ من التأمل.

طُلب من المشارك أثناء فحص الجسم التركيز بشكلٍ مكثفٍ على جزءٍ واحدٍ من الجسم في كلّ مرة، بدءاً بأصابع القدم، ويمكن للشخص من خلال التركيز على الأجزاء الفردية من الجسم، تدريب عقله ليتحوّل من الاهتمام بالتفاصيل إلى مدى أوسع من الوعي من لحظةٍ إلى أخرى. وتقول مارتي: “إن هدف فحص الجسم هو أنه إذا كان بإمكانك التركيز على جزء واحد من جسمك، وليكن إصبع قدمك الكبير، سيمكنك تعلّم التركيز على جزءٍ واحد بدلاً من القلق بشأن كل شيءٍ آخر في حياتك”.

في أعقاب الجلسة، علّق أحد المشاركين في الدراسة بأنه شعر بأن هذه هي أقل مرةٍ كان متوتراً فيها خلال آخر عقدٍ من الزمن، ويُشير دوروتشر إلىقدرة مارتي على تصميم مثل هذه الدراسة بسبب تجاربها البحثية خلال دراستها الجامعية في ميشيغان، وعن طريق تأمين الدعم من خلال التدريب في كلية بافليس الفخرية ومؤسسة بورتاج الصحية. ويقول: “لقد كان لديها بعض الخبرة خلال فترة التدريب الأولى، لذا كان بإمكانها أن تتقدم بمقترح الدراسة في المرة الثانية”، ويُضيف: “لقد ساعدتُ في إجراء تعديلاتٍ بسيطة، لكن هانا أنجزت الكثير من هذا المشروع بمفردها”.

أفاقٌ جديدةٌ للبحث في العلوم الصحية في جامعة ميشيغان التقنية
تعتبر دراسة تأثير ممارسة التأمل الواعي لجلسةٍ الواحدة والدراسة التي تمولها معاهد الصحة الوطنية أمثلةً ممتازةً على التركيز على مشاركة الطلاب في البحث في جامعة شمال ميتشغان العامة، إذ يقول دوروتشر: “أريد من طلابنا في برامج أبحاث العلوم الصحية في جامعة ميشيغان التقنية أن يحصلوا على خبراتٍ عمليةٍ تنفعهم في مستقبلهم، واكتساب خبراتٍ لتطوير حياتهم التعليمية أو المهنية”. ويُضيف: “أريد أن يكون لديهم شيءٌ حقيقيٌ للحديث عنه عندما يذهبون لمقابلة عمل، أن يكون هناك محتوى”.

كذلك كانت تجربة مارتي، حيث قالت: “كان لديّ الكثير لأتحدث عنه في مقابلات الالتحاق بكلية الطب، فلم يكن عليّ أن أقول لقد ساعدت الأستاذ في القيام بذلك، لأنني كنت قادرة على القيام بمعظم الأبحاث بنفسي بمساعدة الدكتور دوروتشر”. ويُشير دوروتشر كمثالٍ على ذلك إلى أن ما يقرب من 20 طالباً سابقاً شاركوا معه في الأبحاث المختبرية انتقلوا إلى برامج العلاج الطبيعي، أو إلى كلية الطب، أو لمتابعة بحث الدكتوراه. ومما لا يقل أهميةً أنه سيكوّن للجامعة إرثٌ من مشاركاتهم البحثية بعد تخرّج الطلاب، والتي يُمكن استخدامها فى تصميم أبحاثٍ مستقبليةٍ ينفذها طلابٌ جُددٌ.

المصدر (Science Daily)

المصطلحات:
جون دوروتشر John Durocher
جامعة ميشيغان التقنية Michigan Technological University
اللقاء السنوي للأحياء التجريبية 2018 Experimental Biology Meeting
الحمل النبضي الأبهري Aortic pulsatile load
هانا مارتي Hannah Marti
بريجيت مورين Brigitte Morin
ترافيس ويكهام Travis Wakeham
مقياس بيك للقلق Beck Anxiety Inventory (BAI)
كلية بافليج الفخرية Pavlis Honors College
مؤسسة بورتاج الصحية Portage Health Foundation

 

 

السعودي العلمي

Comments are closed.