اكتشاف “مفتاح الشهية” في الدماغ

ترجمة: آلاء السهلي.

تفاجأ العلماء باكتشاف شبكة صغيرة من آلاف الخلايا العصبية في جزء عميق من دماغ الفئران  من شأنها تحفيز وإيقاف الشهية. في البداية استخدم هؤلاء العلماء تقنيات حديثة و معقدة لدراسة سلوك ومشاعر فئران المختبر، لكنهم اكتشفوا ما لم يكونوا يبحثوا عنه ـ كما كان الحال مع البنسلين، و حبوب الفياغرا، و شريط التثبيت الفيلكرو. كما أفاد ديفيد آندرسون كبير الباحثين في معهد كاليفورنيا التقني في دورية نايتشر للعلوم العصبية بأن الإكتشاف كان “غير متوقعٍ”.

وكما سجلت كاميرات المختبر فأن تلك الفئران توقفت عن الأكل و فقدت اهتمامها به بمجرد تثبيط تلك الشبكة، ويكمن عنصر المفاجأة في أن الباحثين قد توقعوا أن تنتج التجربة تغيرات في السلوك: كالخوف و الهلع ليس إلا.

قام الفريق بقيادة د.آندرسون بدراسة هذه المجموعة الصغيرة من الخلايا العصبية الموجودة في جزء من الدماغ يدعى اللوزة الدماغية واهتمت الدراسة آنذاك بالخوف و هو شعور مرتبط بقوة بتلك المنطقة لدى الفئران و الإنسان على حد سواء. ومع انتشار تقنية علم الوراثة الضوئية أصبح بالإمكان إعادة دراسة تلك الخلايا العصبية باستخدام أداة أحدث. و تنتج تلك التقنية بتعديل وراثي على خلايا معينة لجعلها أكثر حساسية لدرجة من الضوء بطول موجي محدد ـ في هذه الحالة كان الضوء أزرق ـ ، ومن ثم يتم إدخال ليفٍ ضوئيٍ في الدماغ لتعريض الخلايا المستهدفة للضوء الذي من شأنه تحفيز/تثبيط النشاط العصبي لتلك الخلايا.

من المنطقي القول كمحاولة لتفسير تصرف الفئران بأن توقفهم عن الأكل كان نتيجة لخوفهم وهلعهم ـ و هو الهدف الأساسي من التجربة ـ و لكن الباحثين قاموا بعدد من التجارب التي استبعدت ذلك. لاحقاً توصلوا إلى أن تلك الخلايا تستجيب للمذاق السيء بالإضافة إلى الآلام الباطنية والإحساس بالغثيان وهو ما أدى إلى فقدان الشهية.

و كان مفاد تلك التجارب ـ كما قال د. آندرسون ـ بأنه من الممكن ان تكون تلك الخلايا مركزاً للتحكم بالشهية، فعندما يتم تعريضها لضوء بطول موجي معين و تحفيزها يتم تحفيز الشهية، و لتثبيط الشهية يتم تعديل الخلايا وراثيا بشكل مختلف و استخدام طول موجي آخر لإيقاف النشاط العصبي لتلك الخلايا و من ثم تفقد الفئران شهيتها.

و يعتقد دكتور آندرسون بأنه من الممكن ان يكون للإنسان مركز تحكم بالشهية مشابه لذلك لدى الفئران من حيث المكان، و الذي ـ إن ثبت ذلك ـ يعتبر مذهلاً وذلك لإرتباط اللوزة الدماغية بالمشاعر وخصوصاً الخوف و الهلع إرتباطاً وثيقاً، وهو ما يشير إلى احتمالية دور هذه المنطقة من الدماغ في تنفير الكائن من المأكولات السامة والمتعفنة.

أضاف أيضاً بأنه قد تم تجربة التحفيز الكهربي الدماغي بنجاح على من يعانون من الإكتئاب الحاد، و ن المتوقع ان تحقق تقنية شبيهة المبدأ نجاحاً كبيراً في علاج حالات اضطرابات الشهية في حال اثبت وجود شبكة تحكم بالشهية في اللوزة العصبية كما هو الحال مع الفئران.

المصدر (The New York Times)

ديفيد آندرسون David Anderson
دورية نايتشر للعلوم العصبية Nature Neuroscience
الفيلكرو velcro
علم الوراثة الضوئية Optogenetics
ليف ضوئي Optic fiber
اللوزة الدماغية أو Amygdala

Comments are closed.