كيف نوقف البكتيريا الخارقة؟!

ترجمة: حسنين محمد

اخصائي الاحياء المجهرية الباحث السعودي حسام زواوي يضع البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية نصب عينيه.

 

في عالم ملئ بإخطار واضحة جدا ومتواجدة حاليا كفايروس Ebola والارهاب والتغير المناخي تبقى بعض التهديدات العالمية الناشئة تحصل على اهتمام قليل، ومن ضمن هذه التهديدات هي البكتريا المألوفة التي طورت مقاومة للمضادات الحيوية والتي يطلق العلماء عليها اسم البكتريا الخارقة(Superbugs). ذكرت منظمة الصحة العالمية (WHO): ان المقاومة البكتيرية قد وصلت حدا مثيرا للقلق في اجزاء كثيرة من العالم وان المشكلة حقيقة جدا وتهدد الانجازات التي حققها الطب الحديث.

من ضمن الباحثين الذين يحاربون البكتريا الخارقة، حسام زواوي، ذو الثلاثين عاما طالب الدكتوراه في تخصص الاحياء المجهرية (Microbiology) الذي قرر ان يكون موضوع بحثه هو البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية بعد ان قضى فترة تدريب في مجال السيطرة على العدوى في احدى مستشفيات مدينة جدة في السعودية سنة 2006.

 زواوي المواطن السعودي شهد مباشرة مشكلة عدوى المستشفيات (hospital acquired infection):

المرضى الذين يجرون عمليات حاسمة في المستشفى قد يصابون بعدها بعدوى قد تسبب عجزا جسديا أو حتى الموت.

 زواوي يدرس الان في مركز جامعة كوينزلاند للأبحاث السريرية   “The University of Queensland Center for Clinical Research “UQCCR في مدينة برزبين في استراليا, حيث انه يعمل على تطوير اختبارات تشخيص سريعة للإصابات البكتيرية الشرسة. يقول زواوي ان الاختبار الجديد يحتاج 3 الى 4 ساعات بدلا من 3 ايام المعتادة سابقا لتشخيص البكتريا الشرسة وان الاختبار سيكون جاهزا للاستخدام بعد عدة أشهر. بالرغم من ان الاختبار يعتمد على آلية معقدة ومكلفة مما يحدد من توفره، يأمل زواوي بأنه سيكون خطوة اولى لأنهاء طريقة وصف الاطباء للمضادات الحيوية التي تعتمد على مبدا التجربة والخطأ لأنهم لا يستطيعون تشخيص الاصابة البكتيرية بسرعة في الحالات الطارئة. ويضيف قائلا: في السابق لم يكن حقل ابحاث مقاومة المضادات الحيوية يحظى باهتمام كبير أو إنه لم يكن تنافسي، ولكن هذا تغير الان. ففي شهر تموز من هذه السنة قامت مؤسسة نيسا البريطانية

(U.K.’ s Nesta Foundation)

بإعلان عن منح جائزة (longitude prize) والتي تقدر قيمتها ب 16 مليون دولار للعلماء الذين يتمكنون من اختراع اختبار رخيص ومناسب لفحوصات الاصابات البكتيرية. بعد شهرين قام البيت الابيض بالإعلان عن جائزة قيمتها 20 مليون دولار لتطوير آلية تشخيص سريعة ايضا للإصابات البكتيرية. يؤمن زواوي بأن الاندفاع للاهتمام بهذا الموضوع مؤشر على ان قادة العالم اخيرا التفتوا بجدية الى موضوع البكتريا الخارقة وتهديداتها. التهديدات التي تقتل 50 ألف شخص في الولايات المتحدة الامريكية واوروبا فقط.

يقول الدكتور ديفيد لووك (Dr. David Looke) رئيس المجتمع الاسترالي للأمراض المعدية The Australasian Society for Infectious Diseases): ما زلنا على بعد مسافة قليلة من مسلسل الخيال العلمي (Star Trek), حيث أنهم في المسلسل يلوحون بجهاز و تظهر النتائج مباشرة و إنجاز حسام يعمل و بشكل ملحوظ على تقليص هذه الفجوة.

 

موطن زواوي المملكة العربية السعودية وبقية الدول الخليجية تعتبر من المناطق التي تأثرت بالبكتريا الخارقة. طرق وصف علاجية خاطئة وازدهار السياحة العلاجية بالإضافة الى الاعداد الكبيرة من المغتربين واللاجئين من مناطق النزاع في الشرق الأوسط كلها ساهمت في زيادة انتشار البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية. يقول البروفيسور بيتير كولكنون (Professor Peter Collignon) طبيب اخصائي في الامراض المعدية في مستشفى كانبيرا (Canberra Hospital): الوضع اسوء في السعودية منه في استراليا حيث أصبح من الصعب اجراء العديد من العمليات الطبية نتيجة الخوف من اصابات العدوى الثانوية.

 

ما ان بدأ زواوي بالتركيز على موضوع البكتريا الخارقة في بحثه حتى أدرك بسرعة مدى قلة المعرفة في هذا الموضوع بمنطقة الخليج حيث يقول: هذه المنطقة كانت تحتاج لدراسة إذا أردنا ان نحصل على صورة اوضح للمشكلة عالميا. أنشأ زواوي حديثا مشروعا تعاونيا بين سبعة مستشفيات في منطقة الخليج لتبادل البيانات التي تمكنهم من مراقبة نشوء البكتريا الخارقة وهو يأمل أن يتطور هذا المشروع الى نظام مراقبة رسمي للبكتريا الخارقة حيث إنه يحتاج الى ادامة ومجهود أكبر.

ايضا يعمل زواوي على نشر الوعي في منطقة الخليج عبر حملات ثقافية تتضمن محاضرات للعامة وفي التلفاز مشيرا الى الخطورة التي تسببها المقاومة للمضادات الحيوية. عمر باز , باحث مساعد تطوع للعمل في مختبر زواوي في برزبين , يقول:  بإن زواوي علمه اهمية وجود اهداف, هو لا يطمح للكسب المادي من مشروع محاربة البكتريا الخارقة, ما يهتم به هو احداث تأثير ملموس.

في شهر حزيران، اختارت شركة رولكس، زواوي واحدا من بين خمسة فائزين بجائزة 2014 ضمن جوائزها الممنوحة للمبادرات الطموحة

 

(the Rolex Awards for Enterprise) بمنحه 60 ألف دولار لتساعده على مواصلة بحثه.

حاليا بعثة زواوي شاملة للنفقات من قبل الحكومة السعودية وهو يخطط بالعودة الى السعودية وإنشاء شركة تقنيات حياتية (biotech firm) حيث سيواصل عمله على تطوير طرق تشخيص حديثة بالإضافة للعمل مع المستشفيات لمساعدتهم في تشخيص الاصابات البكتيرية.

 

يؤمن زواوي بأن الصراع مع البكتريا الخارقة سيأخذ وقتا طويلا: (حتى وان صنعنا مضادات حيوية جديدة، فالبكتريا ستجد طريقة ما للتغلب عليها)

(لكن لو أنى لم أكن متفائل، لما قمت بهذا العمل اصلا، واعتقد بأننا نستطيع معالجة المشكلة)

المصدر الاصلي:

TIME

 

Comments are closed.