الفرق بين قدرة الكلام وقدرة الكتابة في الدمـاغ البشري.

ترجمة: عبدالله القحطاني

قد تسمـع أحدهم يقول: “الرجل يصطاد السمكـة.” ومن ثم يمسك الشخص نفسه قلماً ويكتب: “الرجال يصطاد السمكة.”

مع أن قدرة البشر على الكتابة تطورت من قدرتنا على الكلام، إلا أن هاتين القدرتين تمثلان نظامين مستقلين في الدماغ الآن. حيث اكتشَف فريقٌ من جامعة جون هوبكينز بقيـادة أستاذة العلوم الإدراكية “بريندا راب” أن هناك من لا يستطيع كتابة جملةً ما بدون أخطاءٍ نحويةٍ، ولكنه قد يتمكن من أن ينطقها من غير أخطاءٍ تذكر.

ففي ورقةٍ بحثيةٍ نشرت في دورية علوم النفس، وجد فريق العالمة بريندا أنه من الممكن أن يتضرر الجزء المسؤول عن الكلام في الدماغ من غير أن يتأثر الجزء المسؤول عن الكتابة – والعكس صحيح – حتى على مستوى المورفيم، المعروفة بـ” أصغر مكون ذو معنىً في النظام اللغوي ، وذلك يتضمن اللواحق في اللغة الإنجليزية مثل “er,” “ing” and “ed.”

وقالت بريندا البروفيسورة في قسم العلوم الإدراكية في جامعة كريقير للفنون والعلوم: “في الحقيقة، إن ملاحظة أن شخص ما ينطق شيئاً – وفي الوقت نفسه – يكتب غيره أمرٌ مدهشٌ ومفاجئٌ. فإننا لا نتوقع أن نستطيع أن ننتج كلماتٍ ننطقها غير التي نكتب. هذا الأمر يبين لنا أن الدماغ يعمل كما لو أن هنالك نظامين لغويين شبه مستقلين في داخله.”

لقد أراد الفريق أن يفهم كيف ينظم الدماغ معرفتنا باللغة المكتوبة –القراءة والتهجئة-، وذلك لوجود مخطط جيني فطري لمعرفة اللغة المنطوقة فقط وليس المكتوبة. وبشكلٍ أكثر تحديداً، لقد أرادوا أن يعرفوا إذا ما كانت اللغة المكتوبة معتمدةَ على اللغة المنطوقة في البالغين المتعلمين. فلو كان ذلك صحيحاً، لاستطعنا أن نتوقع أن للشخص أخطاءً مماثلةً في الكلام والكتابة. وإذا لم يكن كذلك، فسوف نستنتج أن الأشخاص لا يستطيعون كتابة ما ينطقون بالضرورة.

وقد درس الفريق الذي تضمن العالمين الإدراكيين “سيمون فيتشر-بوم” من جامعة رايس و”مايكل ميوزو” من جامعة كولمبيا، خمسة مصابين بـ”الحبسة الكلامية” أو بصعوبات التواصل نتيجةً لجلطات دماغية. حيث أن أربعةً منهم كانوا يعانون من صعوبةٍ في كتابة الجمل باللواحق الصحيحة للكلمات، ولكنهم ينطقونها بطريقة شبه صحيحة. أما الشخص الأخير فلديه عكس هذه المشكلة، حيث عانى من مشكلةٍ في الكلام من غير تأثير على الكتابة.

فقام الباحثون بعرض صورٍ على المصابين وسألوهم أن يصفوا الحدث الذي بها. فشخصٌ منهم قال واصفاً الصورة: “الولد يمشي”، ولكنـه كتبها “الولد يُمشَى.” وآخر قال “دايف يأكل التفاحة.” وكتبها: “دايف إنه أكل التفاحة.”

وأظهرت النتائج أن التحدث والكتابة مدعومان من جزئين مختلفين في الدماغ، وليس فقط على مستوى الجزء الحركي (اليـد أو الفم)، ولكن على مستوىً أعلى في عملية بناء الكلمات.

وقالت العالمة “بريندا”معلقةً: “لقد وجدنا أن الدماغ ليس آلةً خرقاء تعرف الحروف وترتيبها فقط، ولكنه آلةٌ ذكيةٌ ومعقدةٌ قادرةٌ على أن تعرف أجزاء الكلمات وكيف تتلائم مع بعضها البعض. فعندما تؤذي دماغاً ما، فمن الممكن أن تتضرر بعض المورفيمات وليس الأخرى، في الكتابة وليس في النطق، والعكس صحيح”.

وأضافت أيضاً أن هذا الفهم للكيفية التي يقوم فيها الدماغ البشري بتفريق أجزاء الكلمات قد يساعد المعلمين عندما يعلمون الأطفال القراءة والكتابة. ومن الممكن أيضاً أن يساعد في خلق علاجات جديدة للذين يعانون من “الحبسة الكلامية”.

المصدر (sciencedaily)

علوم النفس: psychological science

Comments are closed.