الحيوانات الصغيرة تعيش في عالم بطيء الحركة

ترجمة: حمود السديري


هنالك اعتقادٌ شائعٌ أن السنة الواحدة في عمر الكلاب تساوي سبع سنواتٍ في عمر الإنسان، ولكن هل تحس الكلاب بأنها تعيش خلال سنةٍ وكأنها سبع سنواتٍ؟ تشير الأدلة بأن كل نوعٍ من الحيوانات له مقياسٌ مختلفٌ في شعوره بمرور الوقت، حيث بينت دراسة نشرت في دورية “سلوك الحيوان” أن كتلة الجسم ومعدل عمليات الأيض (تحويل الغذاء إلى طاقة) هو ما يحدد الفروقات بين الحيوانات في إدراك الوقت.

 إدراك الوقت يعتمد بشكل رئيسي على سرعة معالجة الجهاز العصبي للمعلومة الواردة إليه؛ ولاختبار هذه القدرة قام باحثون بعرض ضوء متقطع (فلاش) بسرعة معينة على حيوانات حتى يصل إلى سرعة يراه الحيوان كضوء ثابت لا يومض. سلوك الحيوان أو نشاطه الدماغي – كما تم قياسه – يظهر أعلى تردد يرى فيه الضوء على أنه متقطع. الحيوانات التي تميز الفلاش في ترددات أعلى هي الأقدر على إدراك الوقت بدقة أكبر. بعبارة أخرى، الأحداث والحركات تتجلى لها بشكل أبطأ من غيرها؛ تخيل منظر تفادي البطل للرصاص بالعرض البطيء في الفيلم السينمائي “ماتريكس”!
العلماء الذين أجروا تلك الدراسة جمعوا البيانات من تجارب سابقة أجريت على 24 نوع مختلف من الفقاريات (سحالي، أسماك، ثدييات)، وافترض العلماء أن قدرة الحيوان على إبصار المناظر بتردد عالي (حركة أبطأ) يلائم الأنواع التي تحتاج ردة فعل أسرع من مفترسها أو فريستها. تلك الأنواع من الحيوانات غالباً ما تكون خفيفة الوزن وذات معدل أيض سريع.
البيانات خلصت إلى الفرضية التالية: الأنواع التي تدرك الوقت بدقةٍ عاليةٍ تميل إلى أن تكون أصغر وذات معدل أيضٍ سريعٍ. وتظهر تلك النتائج أن الفرق في إدراك الوقت بين الفأر والفيل ليست اعتباطياً، بل تضبطه تفاعلات تلك المخلوقات مع محيطها؛ إن الرابط بين إدراك الوقت وفسيولوجيا الجسم وكتلته يخبرنا أن الجهاز العصبي لدى الحيوان تطور ليوازن بين ضغوط من البيئة الخارجية واستهلاك الطاقة.
إن إدراك الوقت بتفاصيله الصغيرة كالثانية وأجزائها أساسيٌ في حياة طيرٍ جارحٍ، لكنه إضاعةٌ لطاقة الجسم على وقتٍ دقيقٍ لا يحتاجه في بيئته بالنسبة للحوت أو السلحفاة مثلاً. لذلك، إن اليوم بالنسبة لبعوضة أو الذبابة ليس 24 ساعةً فقط، بل زمنٌ طويلٌ مجزءٌ إلى آلاف الثواني لأنها تدرك أجزاء أقل من الثانية. أما بالنسبة للكلب الذي ابتدأنا به هذا المقال، فهو لا تمر عليه السنة كأنها سبع سنوات كما يظن البعض، لأن قدرته على التقاط المعلومات البصرية أسرع بنسبة ٢٥٪ من البشر فقط (ربما تكون السنة لديه تعادل أربع سنوات بشرية كتقديرٍ أدق).

المصدر: Scientific American

الدراسة: Animal Behaviour

ماتريكس: Matrix

Comments are closed.