مادةٌ جديدةٌ تحول غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى وقودٍ نظيفٍ

كتابة: بيك كرو.
ترجمة: منة الله عبد المنعم.
مراجعة: عبدالله الشواف. 




يمكن لمادةٍ جديدةٍ مُصنوعةٍ من طبقاتٍ مجهريةٍ من الكوبالت أن تحول غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى ما يُعرف بالفورمات (إحدى مشتقات حمض الفورميك)، وهو وقودٌ قادرٌ على الاحتراق من دون إصدار منتجاتٍ ثانويةٍ سامةٍ ويمكن أن يُستخدم كمصدرٍ للطاقة النظيفة.

يمكن لهذه المادة والتي طُورت على يد فريقٍ من الباحثين في الصين أن تكون إحدى الطرق  للتعامل مع 36 جيجا طنٍ من ثاني أوكسيد الكربون الذي نُطلقه في الجو سنوياً نتيجة استخدام الوقود الأحفوري. حيث كافح العلماء لعقودٍ من أجل إيجاد طريقةٍ فعّالةٍ لتحويل ثاني أوكسيد الكربون إلى شيءٍ مفيدٍ، كما أن الاختبارات الأولية تُشير إلى أن هذه المادة الجديدة تُعد أحد أفضل الخيارات الواعدة التي شهدناها حتى الآن.

يقول المهندس الكيميائي من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا كارثيش مانثيرام مخبراً ويليام هيركويتز من مجلة بوبيولار ميكانيكس: “يعتبر هذا إنجازاً علمياً جوهرياً”. ويضيف: “بالتأكيد ستحتاج المادة أعواماً طويلةً من المعالجة قبل أن يتم استخدامها في أجهزةٍ تجاريةٍ ناجحةٍ. إلا أنه في هذه المرحلة من التطوير ووفقاً لكل المقاييس المعقولة، يبدو التفاعل إيجابياً للغاية”.

يبلغ  سمك المادة أربع ذراتٍ فقط، ومصنوعةٌ من طبقاتٍ رقيقةٍ جداً من معدن الكوبالت النقي وخليطٌ من معدن الكوبالت وأوكسيد الكوبالت. وحين تخضع المادة لعملية الاختزال الكهربائي، والتي تتضمن تمرير تيارٍ كهربائيٍّ صغيرٍ عبر المادة لتغيير البنية الجزيئية لثاني أوكسيد الكربون بداخلها، تُنتج وقوداً نظيف الاحتراق .

يفسّر هيركويتز أن جزيئات المادة تتفاعل مع جزيئات ثاني أوكسيد الكربون التي تتحرك بحريةٍ داخلها عند تمرير تيارٍ كهربائيٍ بمادة الكوبالت النانوية. وهذا يجعل ذرات الهيدروجين تتشابك مع ذرات الكربون دافعةً إلكتروناً زائداً الى إحدى ذرات الأكسجين الخاصة بها. يقول هيركويتز: “وبذلك، يتحول ثاني أوكسيد الكربون إلى  CHOO-أو الفورمات”.

تؤكد الفحوصات المخبرية للمادة في قدرتها على الحفاظ على “كثافة التيار المستقر بمعدل 10 ميللي امبير (من الفورمات) لكل سنتيمترٍ مربعٍ لمدة 40 ساعةٍ، مع انتقائيةٍ للفورمات تصل الى 90 في المائة عند فرط جهدٍ يعادل 0.24 فولتٍ فقط”.

أعلم أنك تريد ذلك، ولكن لا تخشَ عما يعنيه كل ذلك حقاً حتى الآن.

“فرط الجهد” هنا  يعني كمية الطاقة التي تُفقد جرّاء بطء التفاعلات الكهروكيميائية المدعومة من قبل الأقطاب الكهربائية. فكلما قل فرط الجهد، كلما كان أفضل، إلا أنه لجعل شيءٍ ما ذي كفاءةٍ، يجب أن يحافظ على فرط الجهد الضئيل هذا مع الحفاظ على معدلٍ عالٍ أيضاً من إنتاج الوقود. وهذا ما أدى لفشل الكثير من المحاولات السابقة لعمليات الاختزال الكهربائي لثاني أوكسيد الكربون.




يقول مانثيرام، والذي يعمل على مشروعه الخاص لإيجاد حلولٍ للاختزال الكهربائي لثاني أوكسيد الكربون، مخبراً مجلة بوبيولار ميكانيكس أن المادة الجديدة هذه لا يمكنها فقط الحفاظ على فرط الجهد الضئيل هذا مع الحصول على معدلٍ مرتفعٍ أيضاً من إنتاج الفورمات، بل يمكنها التحكم في استقرار كل شيءٍ أيضاً. حيث يقول: ” من النادر جداً والصعب إيجاد مادةٍ تحقق كل تلك القيود الثلاثة”. إضافةً إلى أن هذه المادة هي “أفضل ما شهدناه” حتى الآن.

قام الفريق الذي يعمل في مختبر خفي الوطني للعلوم الفيزيائية بالصين، بوصف المادة في مجلة نيتشر. والخطوة التالية ستكون كيفية إثبات إمكانية إدماج المادة في التقنيات التجارية لكي نتمكن من الشروع باستخدام ثاني أوكسيد الكربون الذي يحوم حولنا في الجو، والذي يسبب المشاكل.

المصدر: (sciencealert)

بيك كرو (BEC CREW)
الكوبالت (cobalt)
الفورمات (formate)
معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (California Institute of Technology)
كارثيش مانثيرام (Karthish Manthiram)
ويليام هيركويتز (William Herkewitz)
مجلة بوبيولار ميكانيكس (Popular Mechanics)
الاختزال الكهربائي (electroreduction)
مجلة نيتشر (Nature)
مختبر خفي الوطني للعلوم الفيزيائية (Hefei National Laboratory for Physical Sciences)

السعودي العلمي

Comments are closed.