هل يمكن للضّغوط أن تكون مفيدة؟

ترجمة: ندى أشرف.




إنك تسأل أحد أكثر الأسئلة الحديثة المطروحة في علم المرونة إثارةً للاهتمام: هل التعرُّض للمحن والصعوبات شيء جيد للتطوّر؟ يبدو أن الإجابة على هذا السؤال هي نعم، ولكنّ هذا يعتمد بالطبع على طبيعة الضغوط التي يتعرض لها الإنسان وتوقيتها. ومن المهم الإشارة إلى أن الاستجابات التكيفيّة لتحديات الحياة هي المفيدة، وليس التعرض للصّعوبات بذاتها. ولقد تم تسمية الردود المفيدة بـ التأثيرات المقوية، ونمو ما بعد الصدمة، والتحصين ضد الضغوط النفسية.

قد يسبب الحرمان والضّغط الشديدان عواقبَ وآثاراً تبقى مدى الحياة بوضوح. ومع ذلك، فإن الكثير من الأفراد يصمُدون ويتعافون وتزدهر حياتهم مجدداً عقب الأحداث المدمرة التي تعرَّضوا لها. وبعضهم أيضًا، كأوبرا وينفري، وملالا يوسف زي، وستيفن هوكينج يصبحون ذائعي الصيت وناجحين. إذًا ما الذي يميز هذه الحالات؟

قد تُعرّف مرونة الفرد بأنّها القدرة على التكيف مع الصعوبات في مرحلةٍ معيّنةٍ. المرونة ليست شيئًا وراثياً أو ثابتاً لا يمكن أن يتغيّر. إنها شيءٌ يمكن أن يتأرجح ويتذبذب خلال حياة الفرد ومتأثرٌ بالعديد من العمليات التكيفيّة المعقدة. ومعظم هذه الأنظمة الوقائية تتطوّر بناءً على تجارب الإنسان وتتطلب مواجهة التّحديات لتصل لإمكانيتها القصوى الكاملة. فعلى المستوى الحيويٍّ والبيئي، تتشكل قدراتنا على مواجهة العدوى والاستجابة للضغوط من خلال تجاربنا وخبراتنا. فعلى سبيل المثال، نعطي أطفالنا التطعيمات (وهي تحتوي على مسبّبات الأمراض) لنزودهم بالمناعة ضدّها.

على نحوٍ مماثل، قد يحسن التعرض لمستوياتٍ قابلةٍ للتحكم من الضغوط النفسيّة قدرات التكيّف في المستقبل. ولكن من المهم تذكر أنه أنّ التعرض المفرط للصعوبات قد يستنزف ويستنفد الطاقة التي يحتاجها الإنسان ليستجمع قواه ويصبح مرنًا تجاه الضغوط. وهناك دليلٌ نفسيٌّ وعصبيٌّ على أن الضغوط التي تمتد لفترةٍ طويلةٍ أو التي تغمر الإنسان قد ترهق عقلنا وجسدنا.




إن جبهةً مثيرةً للاهتمام لعلم المرونة تركز على التفاعلات المعقدة للجينات، علم الأعصاب، العلاقات الاجتماعية، الثقافة، والخبرات الحياتية في تطوير قدرتنا على التكيف. إن دراسة المحن والصعوبات في الطفولة المبكرة توثق تأثيرها على التعبير الجيني، تطور الدماغ، ومعايرة أنظمة الاستجابة للضغوط. كما أظهر العلماء أيضاً إلى أن التأثيرات البيولوجية للتربية الجيدة وفعالية التدخلات التي تهدف إلى تقديم الرعاية تساعد على استعادة تنظيم مستويات الضغط الطبيعية أو زيادة المرونة.

إن الأسئلة المحورية حول المرونة تتغير مع زيادة المعرفة. حيث تتزايد أسئلة الباحثين حول أنواع التجارب النافعة أو الضارة لشخصٍ ما، تحت الظروف والأزمنة المختلفة وحول الأمور التي تعزز قدرة الإنسان على الاستجابة الجيدة لتقلّبات الحياة التي لا مفر منها.

المصدر (scientificamerican)

ونمو ما بعد الصدمة (post-traumatic growth)
والتحصين ضد الضغوط النفسية (Stress Inoculation)
الاستجابات التكيفيّة (Adaptive responses)
علم المرونة (resilience)
الحرمان (deprivation)
الضّغط (Stress)
التعبير الجيني (gene expression)

 

Comments are closed.