الكاتب: جامعة كولومبيا.
ترجمة: محمد حبشي.
تدقيق لغوي: محمد ممدوح.
ماذا لو أخبرك طبيبك بأن وزنك يتفاوت بين 45.3 كغ (100 باوند) و 181.4 كغ (400 باوند)؟ يمكن لأي مريضٍ أن يحصل على نتيجةٍ أفضل في المنزل بمقياسٍ عاديٍ، ولكن مريضاً واحداً لا يمكنه فعل ذلك: مجرة درب التبانة. فعلى الرغم من أننا أمعنَّا النظر اليوم بشكلٍ أعمق في الفضاء من أيّ وقتٍ مضى، إلا أن وزن مجرَّتنا الأُم لا يزال غير معلومٍ بحوالي أربعة أضعاف. طوَّر الباحثون في قسم الفلك بجامعة كولومبيا الآن طريقةً جديدة لإجراء فحصٍ أكثر دِقَّةً لمجرة درب التبانة.
تتكوَّن مجرة درب التبانة من حوالي مائة مليار نجمٍ، والتي تُشكِّل قُرصاً نجميّاً ضخماً يبلغ قُطره من 100,000 إلى 200,000 سنةٍ ضوئيةٍ. الشمس جُزءٌ من هذا البناء، وبالتالي فإننا عندما ننظر إلى السماء فإننا ننظر مباشرةً إلى قرصٍ ضخمٍ من النجوم. هذا العدد الهائل من النجوم وامتداد السماء الضخم يجعل من الصعب قياس الكميات الأساسية لمجرة درب التبانة مثل وزنها.
قام فريقٌ دوليٌ من العلماء بقيادة الباحث أندرياس كولر في جامعة كولومبيا باستخدام نجومٍ خارج هذا القُرص لوزن مجرة درب التبانة بدقةٍ عاليةٍ، والتي تدور حول مجرة درب التبانة في بِنيَةٍ تشبه التيار. حيث أظهر الفريق في دراسةٍ جديدةٍ نُشرت في دورية الفيزياء الفلكية أن مثل هذه التيارات الناتجة عن تلاشي العناقيد الكروية يمكن استخدامها في قياس وزن مجرتنا، ويُمكِن أن تُستغَل أيضاً كمقياسٍ لتحديد موقع الشمس داخل مجرة درب التبانة.
قال كوبر: “إن العناقيد الكروية هي مجموعاتٌ متراصةٌ من عدة آلاف إلى عِدَّة ملايين من النجوم التي وُلِدت معاً عندما كان الكون صغيراً جداً”. وأضاف: “تدور هذه المجموعات حول مجرة درب التبانة وتتفكَّك ببطءٍ عبر مليارات السنين، تاركةً خلفها أثراً فريداً ورائها. تبرز تيارات النجوم هذه بشكلٍ أكبر من باقي النجوم في السماء لأنها مترابطةٌ وكثيفةٌ، مثلما تبرز السُّحب الناتجة من ذيول الطائرات بسهولةٍ أكثر من السُّحب العادية”.
استخدم العلماء بياناتٍ واردةً من “مسح سلون الرقمي للسماء”، والذي أجرى مسحاً للسماء النصف الشمالي للكرة الأرضية لمدة 10 سنين، وذلك لإنشاء قائمةٍ شاملةٍ للنجوم الموجودة في السماء. وكان التيار الذي تم اختبار التقنية الجديدة عليه أُنتج بواسطة عنقودٍ كرويٍ يسمى بالومار 5، ولقد تمَّ اكتشافه فعلياً في 2001مـ عالياً فوق القرص المجري. قام إدوارد بالبينوت من جامعة سوراي بإنجلترا والمؤلف المشارك في هذه الدراسة بمراجعة البيانات الواردة من مسح سلون، واكتشف تذبذُباتٍ في كثافة تيار بالومار 5.
قال بالبينوت: “لقد وجدنا التذبذبات واضحةً جداً ومُتباعدةً بشكلٍ مُنتظمٍ على طول التيار”. وأضاف: “مثل هذه التبايُنات لا يمكن أن تكون عشوائيةً”.
إن هذه التذبذبات هي من يسمح للعلماء بالحصول على دقةٍ غير مسبوقةٍ لقياساتهم. حيث أنشأوا باستخدام الحاسوب العملاق “يتي” الخاص بجامعة كولومبيا عِدَّة ملايين من نماذج التيارات في تحقيقات مختلفة لمجرة درب التبانة. ومن هذه النماذج، وبمقارنة أنماط التذبذُبات الناتجة عن النماذج بمثيلتها التي تمَّ الحصول عليها بالملاحظة، كانوا قادرين على الاستدلال على كُتلة مجرة درب التبانة خلال دائرة نصف قطرها يساوي 60,000 سنةً ضوئيةً، ولتكون مُعادِلةً لـ 210 مليار ضعفٍ لكتلة الشمس، مع نسبة عدم تيُّقُن تساوي 20% فقط. إن النمط الفريد من تذبذُبات الكثافة ساهم بشكلٍ كبير في استبعاد عدة نماذج لمجرة درب التبانة، والتي كانت إمَّا ثقيلةً جداً أو نحيفةً جداً.
أوضحت آنا بوناكا المؤلفة المشاركة من جامعة يَيل: “إن تقدُّماً هاماً في العمل كان استخدام الأدوات الإحصائية القوية، والتي تُستخدَم أيضاً في دراسة التغييرات التي تحدث للجينيوم، وتُستخدَم أيضاً في مُحرِّكات البحث على الإنترنت لترتيب المواقع”. وأضافت: “لقد ساعدتنا هذه المقاربة الدقيقة في تحقيق دقَّةٍ عاليةٍ في تحديد وزن مجرة درب التبانة”.
أضافت المؤلفة المشاركة في الدراسة ورئيسة قسم علم الفلك بجامعة كولومبيا كاثرين جونستون: “لقد تمَّ تجربةُ قياساتٍ مشابهةٍ من قَبْل باستخدام تياراتٍ مختلفةٍ، ولكن النتائج كانت دائماً غامضةً جداً”. وأضافت: “إن قياساتنا الجديدة تُحطِّم هذه الالتباسات من خلال استغلال نمط الكثافة الفريد الناتج عن عنقود بالومار 5، حيث أنه يدور حول مجرة درب التبانة خلال الإحدى عشر سنةً الماضية”.
هدف الباحثون في المستقبل إلى استخدام المزيد من البنى المماثلة لتيار بالومار 5 للحصول على دقةٍ أعلى، ولخلق النماذج الأكثر واقعيةً لمجرة درب التبانة حتى الآن. ومن خلال تحسين الدقة يأمل العلماء أن يعرفوا المزيد عن تكوّين وتشكيل مجرتنا الأُم، وفهم كيفية مقارنة مجرة درب التبانة مع المجرات الأخرى في الكون. وحتى الآن تُشير النتائج أن مجرة درب التبانة بصحةٍ جيدةٍ؛ لا هي نحيفةٌ جداً، ولا هي ثقيلةٌ جداً بالنسبة لحجمها.
المصدر (sciencedaily)
ملاحظة الجهة المترجمة: تم تنبيهنا إلى أن هناك أبحاثاً مستجدةً في موضوع هذا المقال، والتي وجدت أن وزن مجرة درب التبانة يصل إلى 700 بليون شمسٍ
- أبرز الأحداث العلمية لعام 2021 - 09/01/2022
- التطبيقات المتنوعة لتقنية الحوسبة السحابية - 14/12/2021
- تعريف الحوسبة السحابية وتأثيرها على عالم الأعمال - 30/08/2021
برأيي من يقوم بوزن المجرة كمن يقيس الضوء على مقياس ريختر……
فمقياس الوزن بالنسبة لنا هو مقياس متعلق بجاذبية الأرض فقط… فلا نستطيع أن نقيس عليها مجرة كاملة .