تقنيات الطاقة المتجددة تهيمن على محطات توليد الطاقة الجديدة

كتابة: بيتر دوكريل.
ترجمة: عامر محمد.
مراجعة: عبد الحميد شكري.

طبقاً لتقريرٍ حديثٍ، شهد العام المنصرم نقطة تحولٍ كبيرةٍ بالنسبة للطاقة النظيفة، حيث تجاوزت الطاقة المتجددة الفحم لتصبح المَصدر الأكبر لسعة الطاقة في العالم للمرة الأولى. ولم تسيطر الطاقة المتجددة على مكانة الفحم فحسب، بل ما زال معدل الاعتماد عليها يحافظ على نموه بشكلٍ أسرع. وللمرة الأولى أيضاً، فاق نمو الطاقة المتجددة أشكال الطاقة الأخرى من ناحية بناء محطات توليد الطاقة في عام ٢٠١٥مـ، حيث أن مصدر أكثر من نصف الطاقة الكهربائية الجديدة المضافة في العام الماضي عالمياً هو الطاقة النظيفة.

هذه المؤشرات الجديدة نُشرت في تقريرٍ للسوق بواسطة وكالة الطاقة الدولية هذا الأسبوع، وتشير إلى أن تنبؤات مستقبل الطاقة للعام الماضي بحاجةٍ للمراجعة، حيث يُتوقع أن يكون نمو الطاقة المتجددة في الفترة من ٢٠١٥مـ إلى ٢٠٢١مـ بمقدارٍ أعلى بـ13% مقارنةً بتقديرات العام الماضي. وينبغي على التقديرات المعدّلة أن تضع الطاقة المتجددة كمسؤولةٍ عن 28% من توليد الكهرباء بحلول عام 2021مـ، في حين أن تقديرات العام الماضي تفيد بأنها ستكون مسؤولةً عن 23٪ من إنتاج الطاقة الكهربائية، بحيث تستحوذ الطاقة المتجددة على ١٪ من السوق الكهربائية في كل سنةٍ.

ربما يكون تنبؤ عام ٢٠٢١مـ أعلى بقليلٍ فقط من رُبع إنتاج العالم للخمس السنوات القادمة، إلا أنها تعادل كميةً هائلةً تقدّر بـ٧٦٠٠ تيرا واط من الساعات، أيّ ما يعادل إنتاج الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبيّ مجتمعين اليوم. ومن المتوقع أن تستوعب الطاقة المتجددة ٦٠٪ من إجماليّ النمو في إنتاج سعة الطاقة في مدةٍ زمنيةٍ تُقدر بخمس سنواتٍ، ما يعني مبدئياً أن وكالة الطاقة الدولية لا ترى تباطؤاً في المكاسب القياسية الموضحة في العام الماضي في أي وقتٍ قريبٍ.

يقول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول: “نحن نشهد تحولاً في أسواق الطاقة العالمية بقيادة الطاقة المتجددة، وكما هو الحال مع المجالات الأخرى فإن مركز الثقل لنمو الطاقات المتجددة هو التحرك باتجاه الأسواق الناشئة”.

إن سرعة تبني الطاقة المتجددة في تلك الأسواق الناشئة عاليةٌ بشكلٍ لايمكن تخيله، حيث تم تركيب توربينَي رياح جديدتين في كل ساعةٍ في الصين في عام ٢٠١٥مـ، ما يعني أنه تم بناء ما يقارب ٢٠ ألف توربينٍ بنهاية العام. ولقد استوعبت موجة الاستثمارات الصينية تلك حوالي نصف الإضافات لطاقة الرياح، وما يقارب ٤٠٪ من الزيادة في الطاقة المتجددة عالمياً بالمجمل. كما قادت طاقة الرياح النمو في الطاقة المتجددة بإضافة ٦٦ قيقا واط من السعة في عام ٢٠١٥مـ، متبوعةً بالطاقة الشمسية التي مثّلت ٤٩ قيقا واط.

في حال اعتقادك أن الطاقة الشمسية تعاني من الركود، فضع هذا في عين الاعتبار: أن إضافة ٤٩ قيقا واط تلك تعادل تركيب ما يقارب من نصف مليونٍ من الألواح الشمسية في أنحاء العالم في كل يومٍ من أيام العام الماضي. ومن الواضح أن هناك الكثير للاحتفال به مع تلك المؤشرات الجديدة، وهو ما ترجعه وكالة الطاقة الدولية لسياسات الطاقة المتجددة القوية خاصةً في الولايات المتحدة، الصين، الهند والمكسيك، بالإضافة إلى انخفاض الأسعار بفضل المنافسة القوية في السوق، والتقنية الأفضل. ولكن الباحثين يقولون أننا بحاجةٍ للتأكد من استمرار هذا الزخم للطاقة المتجددة.

لا تزال العديد من الدول في أنحاء العالم لا تسعى للحصول على الطاقة المتجددة بقوةٍ كافية، ولكن لا تزال الزيادة في استخدام الطاقة المتجددة لا تلبي الحاجة الكبيرة للطاقة الكهربائية حتى في الدول التي رمت بوزنها خلف الطاقة النظيفة، كالصين مثلاً. بينما يُتوقع أن تتجاوز قدرة الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبيّ واليابان حاجة الكهرباء خلال الخمس سنوات القادمة.

يبين التقرير كذلك أن مشهد الطاقة المتجددة تغير في البلدان الصناعية التي قادت التحول نحو الطاقة النظيفة سابقاً، بحيث أنها تتراجع لصالح البلدان الناشئة كالصين والهند. إذ يُتوقع بحلول عام ٢٠٢١مـ أن هاتين الدولتين وحدهما ستكونان مسؤولتان عن قرابة نصف الإضافات من سعة الطاقة المتجددة. حيث يقول بيرول مخبراً آدم فوغان من الغارديان: “إذا كنت تفكر بخوض ماراثونٍ، فأوروبا بدأت مع تقدمٍ كبيرٍ، إذ إنها متقدمةٌ بأكثر من نصف الماراثون حتى الآن”. ويضيف: “إلا إنهم الآن متعبون قليلاً، والبعض الآخر يتجاوز أوروبا ببطءٍ ولكن بثباتٍ”.

على الرغم من المكاسب الهائلة التي نحققها، إلا أن الباحثين يحذرون من أن ما يحدث الآن ليس سريعاً بما فيه الكفاية للعالم لتلبية الالتزمات الطموحة التي أعلنت في اتفاقية المناخ للأمم المتحدة بباريس عام ٢٠١٥مـ، والتي صُممت لجعل ارتفاع درجة الحرارة العالمية أقل من درجتين مئويتين بنهاية القرن. بعبارةٍ أخرى، لقد قطعنا شوطاً طويلاً في الطاقة المتجددة، ولكن لا يزال هناك شوطٌ طويلٌ لقطعه.

يقول بيرول في بيانٍ له: “يسرني أن أرى أن سجلات العام الماضي كانت قياسيةً للطاقة المتجددة وأن توقعاتنا للنمو خلال الخمس سنوات القادمة أكثر تفاؤلاً”. ويضيف: “إلا أن حتى هذه التوقعات العالية لا تزال متواضعةً مقارنةً مع الإمكانيات الهائلة غير المستغلة من الطاقة المتجددة”. ويُشار إلى أن تقرير سوق الطاقة المتجددة ٢٠١٦مـ متوسط الأجل متوفرٌ على الإنترنت.

المصدر: (sciencealert)

بيتر دوكريل (PETER DOCKRILL)
وكالة الطاقة الدولية (International Energy Agency) (IEA)
الاتحاد الأوروبيّ (European Union) (EU)
فاتح بيرول (Fatih Birol)
آدم فوغان (Adam Vaughan)
الغارديان (The Guardian)

السعودي العلمي

Comments are closed.