هل يمكن لصرصورٍ أن يُعلم الروبوت تجاوز التضاريس الوعرة؟

كتابة: فيل سنيدرمان.
ترجمة: عبدالله نصار.
مراجعة: سعاد السقاف.

تُحتقر الصراصير عادةً كقبيحةٍ وآفاتٍ غير صحيةٍ عندما تظهر في حجرات مؤن العائلة أو مطابخ المطاعم لتُقتل سريعاً، ولكن باحثو جامعة جونز هوبكنز استخدموا هذه الحشرات غير المرغوب بها باسم العلم. إذ يتطلع العلماء والطلبة في معملٍ مزدحمٍ وبلا نوافذ إلى استخلاص نصائح مهمةٍ للحركة من الحشرات، والتي يمكن أن تساعد المركبات الروبوتية في عبور التضاريس الوعرة.

تخيل آثار الزلازل وحطامها أو سطح غير مستكشفٍ لكوكبٍ آخر، قد تتردد الفرق البشرية في دخول مناطق معرضةٍ للخطر كهذه، ولكن ما هو شكل الحياة الأرضية الأكثر قابليةً للبقاء في الطبيعة الفضائية الخطرة؟ إنه من يُقال عنه مزحاً بأنه قادرٌ على النجاة حتى من انفجار قنبلةٍ ذرية.

يتطلع باحثو جامعة جونز هوبكنز إلى صنع روبوتاتٍ تتصرف كالصراصير لمهماتٍ كهذه، وكانت نتائج البحث الأولية للفريق موضوعين لورقتين علمية نُشرتا في الثاني من فبراير (شباط) عام 2018مـ، في دورية الإلهام الأحيائي والمحاكاة الأحيائية.

كان مُختبِر الصراصير هو زميل ما بعد الدكتوراه شون دبليو جارت وهو المؤلف الرئيسي للورقتين العلمية، بينما الباحث الثانوي هو تشين لي، وهو أستاذٌ مساعدٌ بقسم الهندسة الميكانيكية ومدير معمل التيراديناميكس الذي يهتم بعلم الحركة كواجهةٍ بين الأحياء، الروبوتات، والفيزياء.

تهرول الصراصير داخل المعمل عبر مساراتٍ مليئةٍ بنوعين من العوائق: مطباتٍ وفجواتٍ كبيرة، ويمثل هذا النوعين من العقبات ما يمكن أن تواجه الصراصير في موطنها الطبيعي الوعر، حيث تلوي الحشرات رؤوسها، أرجلها، وجذوعها لتجد طريقةً لتجاوز العقبات حتى تستطيع البقاء في مسارها.

التقطت كاميراتٌ عالية السرعة حركة الجسم والأرجل لصراصير من نوع أمريكا الوسطى التي يبلغ طول جسمها خمسة سنتيمتراتٍ (2 إنش) تقريباً، ويمكن إبطاء هذه الفيديوهات لاحقاً لمساعدة الباحثين في تعلم تكتيكات الحركة الدقيقة التي يمكن أن تستعملها الروبوتات لتجاوز نفس النوع من العقبات، إذ تحتاج الصراصير إلى مثل هذه المهارات، حيث تعيش في غاباتٍ مطيرةٍ مليئةٍ بالغطاء النباتي في موطنها الأصلي.

يقول مدير معمل التيراديناميكس تشين لي: “تجد أشياءً مختلفةً حولك في مكان معيشتهم، كنباتاتٍ كثيفةٍ، أوراق شجرٍ متساقطة، فروع أو جذور”. ويُضيف: “أينما تذهب الصراصير تصادف هذه العقبات في طريقها ونحن نحاول فهم كيفية استطاعتها العبور عبر التضاريس المعقدة، كما نأمل في نقل هذه المبادئ إلى روبوتاتٍ متقدمة”.

تحققت بعض التحسينات المستوحاة من الصراصير بالفعل، فلقد صنع فريق لي روبوتاً متعدد الأرجل ليستنسخ أنماط حركة الحشرة، كما أضاف الباحثون ذيلاً لمساعدة الروبوتات في استنساخ مواضع الجسم التي ساعدت الصراصير في عبور المطبات والفجوات الكبيرة، وذلك بعد مراجعة فيديوهات الحشرات بدقةٍ لاكتشاف المبادئ الفيزيائية خلفها، ولقد أدى هذا التغيير البسيط إلى زيادة حجم الفجوة التي يمكن للروبوت تفاديها بنسبة 50% وأكبر المطبات بنسبة 75%.

يقول لي: “بدأنا للتو في فهم كيفية حركة هذه الكائنات خلال التضاريس ثلاثية الأبعاد وغير المنتظمة، حيث تكون ذات عقباتٍ أكبر من حجم الحيوان والروبوت أو تساويه”. وستكون الخطوة القادمة هي تحديد إمكانية تطبيق هذه النتائج على الحركة عبر تضاريسٍ أكثر عشوائيةٍ، مثل أنقاض حطام المباني.

لكن لا تتوقع أن يتخلى الفريق عن استخدام الصراصير في كشف أسرار حركة الحيوان، لقد بدأ لي بالعمل معهم منذ عام 2012مـ، عندما أصبح زميل ما بعد الدكتوراه في دراسة حركة الحيوان بجامعة كاليفورنيا في بيركلي. ويتذكر لي قائلاً: “لقد علمت أنني سأعمل مع هذه الحيوانات، وكنت خائفاً في البداية لأنها مخيفة وتجري بسرعة” ويُضيف: “ولكن عندما بدأت العمل في المختبر أدركت أن العمل معها سهلٌ للغاية وأنها جيدةٌ ورائعةٌ في الحقيقة، ليس فقط بسبب حركتها السريعة، ولكن بسبب سهولة التعامل معها وتحفيزها على الجري وسهولة الاعتناء بها. ولذلك هي من الكائنات الأساسية بالمعمل الآن وتخدم بمثابة نظام نموذجيٍ”.

المؤلفون المشاركون في المقال الذي كُتب في الدورية حول اجتياز الثغرات الكبيرة هم اثنان من طلاب الدراسات العليا بقسم الهندسة الميكانيكية: تشانغشين يان وراتان أوثايوث، وطالبٍ جامعيٍ هو زي رين. ولقد مُوّل البحث من خلال جائزة مهنة صندوق بورموز ويلكوم في الواجهة العلمية، جائزة الباحث الصغير من مكتب أبحاث الجيش الأمريكي، وكلية وايتنق للهندسة بجامعة جونز هوبكنز.

المصدر (ScienceDaily)

المصطلحات:
مجلة الإلهام الأحيائي Bioinspiration
مجلة المحاكاة الأحيائية Biomimetics
شون دبليو جارت Sean W. Gart
تشين لي Chen Li
التيراديناميكس Terradynamics
تشانغشين يان Changxin Yan
راتان أوثايوث  Ratan Othayoth
زي رين Zhiyi Ren
جائزة مهنة صندوق بورموز ويلكوم Burroughs Wellcome Fund Career Award
جائزة الباحث الصغير من مكتب أبحاث الجيش الأمريكي U.S. Army Research Office Young Investigator Award
كلية وايتنق للهندسة بجامعة جونز هوبكنز The Johns Hopkins University Whiting School of Engineering

السعودي العلمي

Article Tags

Comments are closed.