تخصصات علمية جديدة لم تسمع بها – الجزء الأول

كتابة: جورج دفورسكي.
ترجمة: معاذ الدهيشي و لجين علي

الثورة المعرفية والتقنية الهائلة التي حدثت في السنين الأخيرة استدعت تشعباً أكبر في حقول العلوم والأبحاث مما أنتج لنا مجالات علمية جديدة قد تبدو غريبة على مسامع غير المتخصصين. في هذه السلسلة سنعرّفكم على أحدث هذه المجالات وأهميتها للبشرية.

١- علم الطفيليات العصبية (Neuroparasitology)

إذا كنت قد سمعت عن الكائن الطفيلي “توكسوبلازما” (Toxoplasma gondii) وكيف يمكنها التأثير عصبياً في سلوك الفئران -بحيث تجعلها تنجذب جنسياً لرائحة بول القطط بدل أن تخاف وتهرب بطبيعتها- وكذلك التأثير على البشر -بحيث تجعلهم أكثر إندفاعاً وتهوراً- فأنت تعرف ماذا يفعله المتخصصون في هذا العلم الجديد. هذا النوع من العدوى الذي تؤثر فيه الطفيليات على الجهاز العصبي ليس نادراً، بل هو شائع لدرجة أنه أصبح لديه حقل علمي قائم بذاته!


تغير هذه الطفيليات عادةً سلوك المضيف كجزء من استراتيجيتها التكاثرية (غالباً ما يتم استهلاكها من قبل كائن وتلقى لاحقاً كفضلات بواسطة كائن آخر التهم الأول). الأمثلة كثيرة في عالم الحيوان، فمثلاً هناك نوع من الطفيليات يسمى Euhaplorchis californiensis يجعل الأسماك التي تلتهمه تتقافز وتهتاج بحيث تراها الطيور العابرة فتأكلها. مثال آخر، نوع من الطفيليات تسمى الديدان الشعرية تعيش عادةً في أمعاء الجنادب لكنها تحتاج بعد مدة لمغادرتها لإكمال دورة حياتها. للأسف هذه الديدان لا تغادر بسلام وإنما تفرز مواد كيميائية في أجساد الجنادب فتجعلها تبادر للانتحار عن طريق القفز في الماء بعدها تقوم هذه الديدان بالسباحة بعيداً وإكمال حياتها!




٢- علم الأحياء الكمومي (Quantum Biology)

يهتم هذا العلم الحديث والغريب على المسامع بدراسة و تفسير العمليات الحيوية باستخدام ميكانيكا الكم، التي لطالما ناقضت الفهم والمنطق البشري في التجارب الفيزيائية. هذا لم يمنع العلماء من استكشافها من زاوية حيوية على مستوى الكائنات الحية. الأمثلة متعددة لكن أوضحها هو عملية التمثيل الضوئي التي تعتبر نظاماً فعالاً بشكل ملحوظ في النباتات -وبعض أنواع البكتيريا- بحيث يتم بناء الجزيئات التي تحتاجها هذه الكائنات باستخدام الطاقة الآتية من أشعة الشمس. في الحقيقة تبين أن عملية التركيب الضوئي قد تعتمد على ظاهرة “التراكب الكمومي“، التي تقوم فيها حزم صغيرة من الطاقة باستكشاف كل الطرق الممكنة والمتاحة لها، ثم تستقر على أكفأ طريق. الأمثلة الأخرى تتضمن الملاحة لدى الطيور -التي تستشعر المجال المغناطيسي للأرض- والطفرات في الشريط الجيني DNA -التي قد تكون بسبب ظاهرة “النفق الكمومي“- بل وحتى حاسة الشمّ لدينا قد تكون معتمدة على التأثيرات الكمومية!




٣- علم الأرصاد الجوية الخارجية (Exo-Meteorology)

اسم هذا العلم مقتبس من علم الأرصاد الجوية (Meteorology) لكن أضيف إليه البادئة exo التي تعني ‘خارج’. ربما تصورت الآن ما المعني بهذا المصطلح، إنه العلم الذي يدرس الظواهر الطبيعية والمناخية للأجرام السماوية الأخرى (سواءاً الكواكب والأقمار داخل وخارج المجموعة الشمسية)، وأهميته تكمن في الاكتشافات المتتالية والمتسارعة لعوالم وكواكب جديدة في الفضاء الشاسع مما استدعى استحداث تخصص مستقل يهتم بدراسة الأحوال والظواهر الطبيعية التي تحدث فيها نظراً لتنوعها المدهش واختلاف الظروف والمؤثرات. بالطبع أولى الأجرام السماوية بالدراسة هي الكواكب والأقمار المجاورة لكوكبنا، فكوكبا المشتري وزحل الهائلين مثلاً يتميزان بمناخات وطقوس جوية بالغة التعقيد بحكم سعة حجمهما وكثافتهما وبالتالي يعتبران تربة خصبة للباحثين في هذا التخصص الجديد. ولتستوعبوا أهمية هذا التخصص يكفي أن تعلموا أن هذا النوع من الأبحاث هو مفتاح إيجاد حياة خارج حدود كوكبنا الأزرق.


io9

Website Comments