تعليم الفلسفة للأطفال يساهم في تحسين مهارات القراءة والرياضيات

كتابة: بيتر روكريل.
ترجمة: ريوف المطوع.
مراجعة: شروق هاشم.

من المهم أن نطرح الأسئلة الكبيرة.




الغالبية منا لم تسنح له الفرصة لدراسة مادة الفلسفة قبل بلوغ السن الجامعي، لكن دراسةً حديثةً تشير إلى أن صغار السن يمكنهم الاستفادة من دراسة المعرفة والوجود بسنٍ أبكر بكثيرٍ. حيث وجدت دراسة نُشرت في العام الماضي في المملكة المتحدة أن طلاب المرحلة الابتدائية في المستوى الرابع والخامس الذين شاركوا في سلسلةٍ من الدروس المخصصة لمناقشة مفاهيم الفلسفة لم يتمكنوا فقط من استيعاب المنطق وطبيعة الواقع، بل ساهمت أيضاً في تحسين المهارات الأكاديمية للطلاب في المناهج الدراسية.

أُجريت التجربة من قبل مؤسسة المنح التعليمية، وهي مؤسسةٌ خيريةٌ مستقلةٌ تسعى لسد الفجوة بين دخل الأسرة والتحصيل العلمي للطالب. وتضمنت تلك التجربة أكثر من 3000 طالب من 48 مدرسةٍ ابتدائيةٍ حول المملكة المتحدة، حيث تم تقديم دروسٍ أسبوعيةٍ تسمى بـ”الفلسفة للأطفال“. فلوحظ تحسن مهارات الأطفال الذين شاركوا في التجربة في مهارات القراءة والرياضيات بمعدل شهرين من الدروس الإضافية مقارنةً بالطلاب الذين لم يشاركوا في تلك الدروس.

ما لفت الانتباه في تلك النتائج هو أن الحصص الدراسية لم تكن تهدف إلى تحقيق تلك النتائج منذ بدايتها، بل كان الهدف الرئيسي من تلك الدروس هو المساهمة في تطوير ثقة الطفل في طرح الأسئلة، بناء الحجج، وإجراء مناقشاتٍ منطقيةٍ مع بعضهم البعض. وتضمنت الدروس بعض الحوارات والأسئلة حول مسائل فلسفيةٍ واستكشاف بعض المفاهيم كالحقيقة، العدالة، المعرفة، الصداقة، والإنصاف.

تضمنت بعض الأسئلة المثيرة للتفكير والتي تم طرحها ومناقشتها من قبل الطلاب في تلك الجلسات: “هل يصح أن نتبرع بقلبٍ سليمٍ لشخصٍ لم يهتم بصحته؟”، “هل يجوز حرمان شخصٍ ما من حريته؟” و”هل من المقبول أن يرتدي الناس ملابس تحمل رموزاً دينيةً في مكان العمل؟”.

كانت المدارس المشاركة في الدراسة منتشرةً حول إنجلترا، وبينما عكست هذه المدارس فئاتٍ متنوعةً من الطلاب ككل، لوحظ أن مستوياتهم كانت أعلى من متوسط الطلاب المحرومين. وشوهدت أعلى فائدةٍ أكاديمية بين هؤلاء الطلبة فعلاً.

لاحظ طلاب المحرومين أن مهاراتهم في القراءة تحسنت خلال أربعة أشهرٍ، وتحسنت مهارات الرياضيات في خلال ثلاثة أشهرٍ، ومهاراتهم الكتابية تحسنت في خلال شهرين. كل هذه النتائج المبهرة تحققت فقط بسبب حضورهم للدروس بمعدل ساعةٍ واحدةٍ تقريباً كل أسبوع، وذلك على مدار العام الدراسيّ.

بصرف النظر عن التحسينات الأكاديمية، تشير الملاحظات الإيجابية للتأثير العام للتجربة إلى أن تضمين موضوعاتٍ قليلةٍ من الفلسفة في مناهج المرحلة الابتدائية قد يكون فعلاً مستحقاً بحد ذاته.

كتب كلٌّ من ستيفن جورارد، نادية صديقي، وبينج وات سي، وهم ثلاثة باحثين في التعليم من جامعة دورهام والذين عملوا على تقييم التجربة في موقع الكونفرزيشن: “إن ردة فعل المعلمين خلال التجربة تشير إلى أن دروس الفلسفة أتاحت فرص التواصل مع الطلاب وتطوير ثقافةٍ مدرسيةٍ في أساليب التفكير، الاستماع، التحدث، واستخدام الحجج المنطقية”. وأضافوا: “كما زعموا أن للتجربة أيضاً تأثيراً مفيداً على نتائج أوسع، مثل بناء ثقة النفس، الصبر، وتقدير الذات”.

يعترف جورارد وزملاؤه بأهمية تكرار التجربة للتأكد من صحة النتائج، إلا أنها ربما تكون توجهاً واعداً لصالح العاملين في التعليم، حيث لم يتم رصد أي نتائجٍ سلبيةٍ من التجربة لعامٍ واحدٍ.

ذكر جورارد لهانا ريتشاردسون من قناة بي بي سي: “إنه لأمرٌ مشجعٌ للغاية، فنحن ملتزمون على المساعدة في معالجة الحرمان التعليمي إلى جانب مؤسسة المنح التعليمية”. ويضيف: “فدليلٌ كهذا يعد مهماً جداً في تحديد ما هو صالحٌ وما هو غير صالحٍ، ومساعدة مدراء المدارس في إنفاق المنح التعليمية بأوجهها الصحيحة وبما يتناسب مع مصلحة الطلاب”.

الدراسة متاحة على موقع مؤسسة المنح التعليمية.




المصدر: (sciencealert)

بيتر روكريل (PETER DOCKRILL)
مؤسسة المنح التعليمية (The Education Endowment Foundation (EEF))
الفلسفة للأطفال (Philosophy for Children (P4C))
طلاب المنح (disadvantaged pupils)
جامعة دورهام (Durham University)
موقع الكونفرزيشن (The Conversation)
هانا ريتشاردسون (Hannah Richardson)
بي بي سي (BBC)
ستيفن جورارد (Stephen Gorard)
نادية صديقي (Nadia Siddiqui)
بينج وات سي (Beng Huat See)

 

Comments are closed.