نبذةٌ مختصرةٌ عن تكرير النفط

كتابة: منتظر الشبيب.

لا يوجد شخصٌ لم يسمع بكلمة النفط أو البترول في عصرنا هذا، ولا أعتقد أن هناك مخلوقاً يُنكر ما قدمه النفط من ثورةٍ لا مثيل لها. فقديماً، كان البشر يمضون شهوراً لينتقلوا من مكانٍ الى مكانٍ آخر باستخدام وسائل النقل البدائية، ناهيك عن أخطار الطريق وتغيرات الجو غير المتوقعة. ولكننا الآن نستطيع أن نذهب الى أماكننا المفضلة حول العالم باستخدام المحركات المُشغلة بالوقود في فترةٍ قصيرةٍ نسبياً، لنقضي فيها أوقاتاً سعيدةً ومن ثم نعود سالمين إلى ديارنا. وهذا بالطبع بسبب النفط وما يحتويه من مواد كثيرةٍ كما سنرى.

إن التحول الذي شهدته المملكة العربية السعودية منذ اكتشاف النفط هو خير دليلٍ على الأثر الاقتصادي للذهب الأسود، ويظهر التاريخ أن العالم لم يتمكن من الاستغناء عن النفط خلال القرن الماضي لعدم وجود بدائل أخرى وقتها. وكان معظم اقتصاد المملكة قديماً يعتمد على موسم الحج قبل ظهور النفط، ولكنه أصبح حالياً أساس الاقتصاد السعودي ولاعباً رئيسياً في التغيرات الاقتصادية التي نشهدها حالياً. وقد يتساءل البعض: لماذا أصبح النفط المصدر الأول في إنتاج الطاقة محلياً وعالمياً والمتحكم بالاقتصاد العالمي لفترةٍ طويلةٍ؟

للنفط ميزات تفصله عن مصادر الطاقة الأخرى على الرغم من أضراره البيئية، وأهمها ضخامة كمية الطاقة التي يُنتجها عند حرقه، وتعدد المركبات الهيدروكربونية التي تستخدم كوقودٍ لوسائل الموصلات، التشحيم، وتصنيع البلاستيك، المنظفات، وغيرها.

النفط الخام لاشيء بدون تكريره

يُرسل النفط المستخرج من الآبار إلى معامل فرز الغاز من النفط، والتي من خلالها يتم فصل الماء والغاز عن الزيت الخام. ولا قيمة لهذا الزيت ما لم تتم معالجته وتكريره. ويعتبر مصنع التكرير هو السر في تحويل هذا الزيت إلى المنتجات التي تزودنا بالطاقة ونحتاجها يومياً. فعلى سبيل المثال، أحد أهم المنتجات هما الجازولين (أو ما يُعرف بالبنزين) والديزل اللذان يُستخدمان كوقودٍ للسيارات، وكذلك الغاز النفطي المسال الذي يُستهللك من أجل عمليات التسخين والطبخ ( انظر إلى شكل 1) .

2

شكل1 : منتجات مصنع التكرير الرئيسية

افتتحت أول مصفاةٍ للنفط في العالم عام 1856مـ في رومانيا. وتم بناء أول مصفاةٍ في الولايات المتحدة في عام 1861مـ. وبدأ العالم في بناء المصافي لتلبية احتياجاتهم للطاقة بعد ازدياد الطلب على الكهرباء، خصوصاً في فترة الثورة الصناعية بعد الحرب العالمية الثانية وظهور وسائل النقل كالسيارات، الباصات، والطائرات. فدعونا الآن نلخص لكم بشكلٍ عامٍ ما يحدث داخل المصفاة أو مصنع التكرير. حيث يمكننا أن نقسم العمليات اللازمة لتكرير النفط إلى أربعة أقسامٍ على الترتيب:

  • عملية الفصل أو التقطير:
    بعدما يتم إزالة الأملاح من النفط الخام، يتم إدخال الزيت الخالي من الأملاح إلى أعمدة التقطير التي تفصل المركبات الهيدروكربونية بناءً على درجة الغليان والحجم الجزيئي. حيث يصعد الأخف منها إلى أعلى عمود التقطير ويتجه الأثقل منها إلى الأسفل.
  • عملية التحويل:
    يتم تغيير تركيب وحجم جزيئات الهيدروكربونات عن طريق عدة عمليات:
  1. التحلل: تكسير الجزيئات الكبيرة وتحويلها إلى جزيئاتٍ صغيرةٍ عن طريق الحرارة أو بمساعدة المواد المحفزة.
  2. الاتحاد: هي عكس عملية التحلل والتي من خلالها تتحد الجزيئات الصغيرة من أجل بناء جزيئاتٍ أكبر كعملية البلمرة.
  3. الإصلاح: إعادة ترتيب شكل الجزئيات إلى أشكالٍ هندسيةٍ مختلفة كالتشكل الكيميائي والإصلاح التحفيزي.
  • عملية المعالجة:
    يتم إزالة المواد الملوّثة من الزيت الخام كالكبريت والنيروجين باستخدام الهيدروجين والمواد المحفزة.
  • عملية المزج أو الخلط:
    في المراحل الأخيرة، يتم مزج جميع المواد المعالجة وإضافة بعض من المحسنات للحصول على منتجٍ ذو خصائص معينةٍ. فعلى سبيل المثال، تُجمع كميات الجازولين أو البنزين من جميع الوحدات في المصنع، ومن ثم يُضاف إلى الجازولين موادٌ محسنةٌ كالميثانول لزيادة رقم الأوكتان مثلاً للحصول على الخصائص المطلوبة.
    هناك بعض العمليات الأخرى كمعالجة المياه الملوثة والأحماض الناتجة من العمليات التي ذكرناها سابقاً. كما يتوفر معملٌ لإنتاج الهيدروجين الذي يلعب دوراً مهماً في إزالة الملوثات من الزيت الخام.

نستطيع أن نقول بأن الزيت الخام يمكن تحويله إلى منتجاتٍ مخزّنةٍ للطاقة، وكما أن هذا الزيت سيُصبح سلعةً تجاريةً إذا تمت معالجته بالطريقة الصحيحة. بشكلٍ مختصرٍ، يمكننا اعتبار النفط بأنه خلطةٌ سحريةٌ من المركبات العضوية، والمصفاة هي الوسيلة لاستخلاص المواد النافعة لتلبية حاجات البشرية.

فهرس المصطلحات

(Oil Refining) تكرير النفط
(Gasoline)الجازولين
(Liquefied Petroleum Gas) الغاز النفطي المسال
(Refinery) مصفاة
(Distillation)عملية الفصل أو التقطير
(Distillation Columns) أعمدة التقطير
(Conversion)التحول
(Decomposition) النحلل
(Unification) الإتحاد
(Reforming) الإصلاح
(Catalytic Reforming) الأصلاح التحفيزي
(Isomerization) التشكل الكيميائي
(Blending) المزج أو الخلط
(Octane Number) رقم الأوكتان

المصدر:

*James H. Gary, Glenn E. Handwerk, Mark J. Kaiser, Petroleum Refining, Technology & Economics, 5th ed. CRC Press, 2007.

 

السعودي العلمي

Comments are closed.