اكتشاف فيروساتٍ ضخمةٍ جداً تتحدى تعريفنا للفيروس

بقلم: بيتر دوكريل.
ترجمة: محمد عيد.
مراجعة: أمل سلطان العبود.

اكتشف العلماء نوعين جديدين من الفيروسات في البرازيل، ويقولون أنها تظهر حجماً وتعقيداً وراثياً قد يدفعنا لإعادة التفكير حول ماهيّة الفيروس بالضبط. إذ تعد السلالتان الجديدتان التي أطلق عليهما اسم فيروسات توبا تيمّناً بإله الرعد البرازيلي توبا في الأساطير الغوارانية سلالاتٍ استثنائيةً كما يتضح من أسمائها، وفي حين أنها لا تشكّل أي تهديدٍ للبشر، إلا أن وجودها يتحدى الحدود العلمية التي تُعرّف ماهية الفيروس.

سُمي الاثنان بفيروس توبا لبحيرة الصودا وفيروس توبا لأعماق المحيط وفقاً للمواطن المائيّة المتطرّفة التي اُكتشفا فيها، وهما ليسا من أضخم الفيروسات المكتشفة فقط، بل ويحويان أيضاً وحداتٍ لصنع البروتين أكثر من أي فيروسٍ مُكتشفٍ حتى الآن. ويمكن أن تصل السلالات المذيّلة المرئية إلى طول 2.3 مايكرومترٍ، وتضم حوالي 1.5 مليون زوجٍ من الحمض النووي منقوص الأكسجين ومورّثاتٍ مُشفرِّةٍ للبروتين تكفي لإنتاج 1.425 نوعٍ من البروتين.

يوضّح رئيس فريق البحث وعالم الفيروسات برنارد لا سكولا من جامعة إيكس مرسيليا في فرنسا أنه بالنسبة لصنع البروتينات فإن هذا يعطيها “أكبر جهازٍ لترجمة البروتينات ضمن جميع الفيروسات المعروفة”. ويضع هذا الجهاز فيروس توبا في عائلة الفيروسات المحاكية، المسمّاة تيمناً بالفيروس المحاكي المُكتشف في عام 2003مـ، وكانت حينها الفيروسات ذات القُصيفة (الغلاف البروتيني) الأكبر قطراً ضمن جميع الفيروسات المكتشفة على الإطلاق، بالإضافة إلى سماتٍ بارزةٍ أخرى.

قبل الفيروس المحاكي، كانت الفيروسات تعتبر منفصلةً تماماً عن الكائنات الحية بسبب عدم قدرتها على تصنيع البروتين (وبالتالي إنتاج الطاقة الخاصة بها)، وهو أحد الأسباب الذي دفع العلماء لاستبعاد تصنيفها ضمن الحياة الخلوية. ولكن التعقيد الوراثي للفيروس المحاكي وباقي الفيروسات الضخمة المكتشفة لاحقاً يتحدى هذه الحدود النظرية، لأن هذه الفيروسات تحوي مورثاتٍ قادرةٍ على القيام بأمورٍ كإصلاح الحمض النووي منقوص الأكسجين، مضاعفته، استنساخه وترجمته.

يقول عضو الفريق الذي قام بدراسة فيروس توبا وهو جوناتاس أبراهاو لصحيفة إستاديو البرازيلية الناطقة باللغة البرتغالية: “مع اكتشاف الفيروسات الضخمة، رأينا أن هذه المورثات يمكن أن تتواجد في جينوم الفيروسات. وهذه الخاصية ستغيّر مفهومنا عن التمييز بين الفيروسات والكائنات الحية التي تكونها الخلايا”.  وكلما تعلمنا عن الفيروسات الضخمة، كلما تعلمنا أكثر عما هي قادرةٌ على فعله.

لا تمتلك سلالات فيروسات توبا مجموعةً كاملةً تقريباً من المورثات الضرورية لإنتاج البروتين فحسب، فحوالي 30% من جينومها غير معروفٍ للعلم، حيث لم تُكتشف بعد في مجالات العتائق، البكتيريا، وحقيقيات النوى.

من الواضح أنه ما زال أمامنا الكثير لنتعلمه عن فيروسات توبا والفيروسات الضخمة عموماً، ولكن الخبر السار هو أن هذه الكائنات الجديدة (مهما كان تصنيفها) لا تشكّل تهديداً للبشر، إلا المتحوّلات (الأميبيات). فإذا كنت متحولاً، فلدينا أخبارٌ سيئةٌ، إذ يقول أبراهاو: “مثل باقي الفيروسات الضخمة المكتشفة مسبقاً، تنقل فيروسات توبا العدوى للمتحوّلات. والفرق هو أنها معمّمة أكثر: أي على عكس البقية، فإنها قادرةٌ على نقل العدوى لأنواعٍ مختلفةٍ من المتحوّلات”. ولقد نُشرت هذه النتائج في دورية نايتشر للاتصالات.

 المصدر: (sciencealert)

بيتر دوكريل (PETER DOCKRILL)
فيروسات توبا (Tupanvirus)
توبا (Tupã)
الأساطير الغوارانية (Guaraní mythology)
برنارد لا سكولا (Bernard La Scola)
جامعة إيكس مرسيليا (Aix-Marseille University)
الفيروسات المحاكية (Mimiviridae)
الفيروس المحاكي (Mimivirus)
جوناتاس أبراهاو (Jônatas Abrahão)
إستاديو (Estadão)
المتحوّلات (الأميبيات) (amoebae)
نايتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications)
العتائق (archea)
حقيقيات النوى (eukarya)
القُصيفة (الغلاف البروتيني) (capsid)

 

السعودي العلمي

Article Tags

Comments are closed.