دراسة تربط بين السعادة والوراثة تحدث ضجة في المجتمع العلمي

ترجمة: بدور العتيبي
تدقيق: معاذ الدهيشي
نشهد بين الحين والآخر تحول الجدل الأكاديمي  الى مسرحية في مواقع التواصل الإجتماعي بسبب الضجة التي أحدثها. في سنة 2013, أظهرت دراسة أن سعي الشخص وراء السعادة بإمكانه تغيير التعبير الجيني لديه. تلقت الدراسة ومؤلفتها الأولى عالمة النفس باربارا فريدركسن الكثير من إهتمام الإعلام حينها، لكن تقريراً علمياً جديداً كتبه عالم النفس نيكولاس براون ومعه باحثون أمريكيون وبريطانيون ذكر بأن النتائج كانت “مصطنعة من تحليلات مشبوهة ومنهج خاطئ” !

 

استمتع ستيوارت ريتشي – وهو باحث في الذكاء الإنساني بجامعة أدنبرة في المملكة المتحدة – بالعرض كما يبدو من تغريدته التي تقول: ” نقض sTeamTraen@ (نيكولاس براون) لبحث جينات السعادة زاد من سعادتي بشكل كبير”
Tweet1

 

وغرد أيضاً جون فوكس -عالم المخ والأعصاب بكلية ألبرت آينشتاين الطبية في الولايات المتحدة – بعبارة “آوتش” (تعليقاً على شدة العبارة الآتية) ثم اقتبس التالي من دراسة براون ورفاقه “التحليلات الإحصائية خاطئة بشكل قاتل، إلى درجة أن نتائجهم المزعومة في الحقيقة ليس لها أي معنى” !!
Tweet2

 

تطرقت دراسة فريدركسن سنة 2013 (الدراسة الأولى) الى مسارين مختلفين: هما Hedonism المتعة (أو القدرة على الشعور باللذة), وEudaimonism السعادة الأخلاقية والتي عرّفها كاتبوا الدراسة بالسعي نحو المعنى والهدف النبيل الذي يتعدى إشباع الذات. استخدم الباحثون استطلاع للشخصية لقياس مستويات التمتع والسعادة الأخلاقية في 80 متطوع بصحة جيدة، وجمعوا عينات دم لقياس التعبير البروتيني لمجموعة من جينات الجهاز المناعي. لاحقاً استنتج الباحثون بأن أكثر المستمتعين (تبعاً للمسار الأول) -على الرغم من شعور بعضهم بالسعادة- أظهروا إشارات جسدية فيسيولوجية تدل على التوتر والضيق، وعند مقارنتهم بمن حققوا المسار الثاني فإن التعبير الجيني قد ازداد لديهم بشكل كبير لجينات تعزز الإلتهاب وتناقص، بشكل كبير لجينات مسؤولة عن إنتاج الأجسام المضادة.

 

في الجانب الآخر فقد عمد البحث الأخير الذي قام به براون ورفاقه إلى تحليل البيانات بطرق عدة. كمثال؛ استبدل الباحثون من ضمن أشياء اخرى بيانات دراسة فريدركسن الأولى ومعيارها النفسي بأرقام عشوائية و وجدوا عدداً كبيراً من الآثار ذات الدلالات الإحصائية الواضحة مما جعلهم يستنتجون أن التحليلات الإحصائية الأصلية كانت مليئة بالعيوب ونتائجهم لامعنى لها.

 

جيمس كوين – عالم نفس صحي من هولندا ومشارك في الدراسة الأخيرة – صعّد الجدل لأكثر من ذلك في منشور له في مدونة PLoS. أشار الى بحث فريدركسن كمثال استثنائي لكلام فارغ يمكنك أن تجده في مجلة مرموقة. تسائل تحديداً عن الطريقة التي سجل بها الإستطلاع, وعرض 100 دولار لجمعية السرطان الأمريكية إذا قدّم مؤلفوا الدراسة التحليلات الغير منشورة والتي تبرر الطريقة الغريبة لتسجيل النقاط، بينما رفضت مجلة PNAS الناشرة للدراسة التعليق.

 

لم يستجيب كل من فريدركسون و زميلها ستيف كول – المتخصص في علم النفس و المعلوماتية الحيوية بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس – لطلب مجلة نيتشر Nature منهم للتعليق، ولكن أرسلوا رسالة الى مجلة PNAS يقولون فيها بأن إعتراض كوين وزملاؤه كان مليئاً بالعثرات الإحصائية. وكتبوا أيضاً بأنهم تمكنوا من تكرار نتائج الدراسة بإستخدام استطلاع مصادق عليه بشكل واسع، وطريقة معترف بها لتسجيل البيانات  ليقاس بها مستويات التمتع والسعادة الاخلاقية.
 مع هذا قال كوين بأن الرسالة لم تزيل شكوكه بحسب تعليق له في المدونة ولايزال عرض المائة دولار قائماً.

 


Nature (المصدر الأصلي)

Fredrickson, B. L., et al. “A functional genomic perspective on human well-being.” Proceedings of the National Academy of Sciences 110.33 (2013): 13684-13689

Brown, N JL, et al. “A critical reanalysis of the relationship between genomics and well-being.” Proceedings of the National Academy of Sciences111.35 (2014): 12705-12709

 

Website Comments