الحقن بالبكتيريا يقلص من حجم الأورام السرطانية !!

ترجمة: سارة العصيمي

نسخة معدلة من بكتيريا  كلوستريديوم نوفي تسمى “كلوستريديوم نوفي- ن ت” C. novyi-NT باستطاعتها استهداف الأورام بدقة وقوة في الجرذان والكلاب واخيراً الإنسان حسب تقرير جديد لباحثين من مركز جون هوبكنز كيمل للسرطان .

توجد هيئة بكتيريا كلوستريديوم نوفي- ن ت الطبيعية في التربة وفي حالات معينة يمكن ان تتسبب في تلف الانسجة عند  البقر والاغنام والانسان. فالجرثومة لا تنشط الا في بيئة ينعدم فيها الاوكسجين وهذا يجعلها أحد الطرق التي تستهدف تدمير الخلايا المتعطشة للاوكسجين في الاورام والتي يصعب معالجتها بالعلاج الكيميائي والأشعة.

قام فريق جون هوبكينز بإزالة أحد سموم البكتيريا المنتجة للجينات لجعلها أكثر أماناً للاستخدام العلاجي.

ولإجراء الدراسة, قام فريق الباحثين باختبار حقن أبواغ  بكتيريا كلوستريديوم نوفي- ن ت على الورم مباشرة في 16 كلب أليف من الذين تمت معالجتهم من الاورام. ستة من الكلاب أظهروا استجابة لمحاربة الورم بعد 21 يوم منذ بداية علاجهم. وتم القضاء على ورم ثلاثة من الستة كلاب والثلاثة الآخرين تقلص القطر الأطول من أورامهم بنسبة 30%.

عانى معظم الكلاب من الآثار الجانبية الطبيعية للاصابة بالبكتريا كالحمى وخراجات الاورام والتهابات وذلك حسب تقرير على الدراسة الذي تم نشره في 13 اغسطس في دورية Science Translational Medicine.

في المرحلة الاولى من التجربة الاكلينيكية لجزيئات كلوستريديوم نوفي-ن ت أُجريت في مركز آندرسون الطبي للسرطان MD Anderson Cancer Center، تم حقن مريضة تعاني من ورم في مراحله المتقدمة في أنسجة البطن اللينة -وانتشر في أماكن أخرى- ببوغ البكتيريا مباشرة على ورم انتشر في ذراعها. الحقنة قلصت حجم الورم في العظم وماحوله، وحسب ما قاله نيكولاس روبرتس -وهو طبيب بيطري- : ” استجاب جسم المريضة للحقنة بردة فعل التهابية قوية وتشكل لديها خراج، ولكن حالياً لم نعالج القدر الكافي من الناس لنتمكن من تحديد ما إذا كانت استجابة الكلاب للعلاج ستكرر فعلاً في الإنسان أم لا؟”

يقول الدكتور شبين زهو بروفيسور مساعد في علم الأورام بمركز السرطان: “أحد إيجابيات استخدام البكتيريا في علاج السرطان هو أنه باستطاعتك تعديل البكتيريا حسب العلاج بسهولة لتزويدها بوحدات معالجة أخرى أونجعلها أقل سمية كما فعلنا هنا”. و يعمل زهو كمشرف على التجارب العلاجية في مركز كيميل للسرطان بمركز لدويق لعلم وراثة السرطان وعلاجاته Ludwig Center for Cancer Genetics and Therapeutics. قام زهو وزملاؤه في مركز جون هوبكنز باستكشاف قدرة بكتيريا كلوستريديوم نوفي- ن ت  في محاربة السرطان لأكثر من عقد بعد دراسة تقارير يقدر عمرها بمائة عام تعود الى بدايات علم العلاج المناعي والتي تتحدّث عنمّا يسمى بسموم كولي Coley toxins التي رأت النور بعد ملاحظة بعض مرضى السرطان الذين عانوا من التهابات بكتيرية خطيرة و انتهت بتقليص الورم السرطاني.

قام الباحثون بالتركيز على أورام الانسجة اللينة وذلك بحسب ما أفاد الدكتور روبرتس من مركز لدويق بقسم أبحاث علم الامراض: ” تلك الاورام غالباً تكبر في فترة زمنية قصيرة وتكون قد انتشرت في  الأنسجة العادية “. فالبكتيريا لايمكنها أن تتبرعم في الأنسجة العادية وستحارب فقط الخلايا المتعطشة للأوكسجين أو منخفضة الأكسجة في الورم وتجتنب الأنسجة المتعافية حول الورم السرطاني.

فيرينا ستاديتكي طبيبة حاصلة على الزمالة في طب الأورام العصبية بمركز هوبكنز أيضاً قامت باختبار حقن بوغ البكتيريا في جرذان خضعوا لزراعة أورام في المخ تسمى بالأورام الدبقية Gliomas ومن خلال التقييم المجهري للأورام تبين أن الحقنة قتلت الخلايا السرطانية ولكن تجنبت الخلايا المتعافية بمسافات صغيرة جداً. كما أن العلاج أطال من مدة بقاء  الجرذان على قيد الحياة لمدة 33 يوم بعد زراعة الورم  مقارنة بمعدل 18 يوم في الجرذان التي لم تتلقى العلاج بالحقنة.

كما قام الباحثون بتمديد اختبار الحقنة التي تلاقاها الكلاب. أوضح الدكتور روبرتس: ” أحد الأسباب التي جعلتنا نعالج الكلاب ببكتيريا كلوستريديوم نوفي – ن ت قبل الناس هي أن الكلاب قد تكون دليل واضح لما سيتعرض له الناس “، فأورام الكلاب تتشارك مع أورام الانسان في العديد من السمات الوراثية, هذا مافسره الدكتور روبرتس, كما أن أورام الكلاب تنتشر بشكل تلقائي كحال الأورام البشرية. الكلاب أيضاً يتم علاجها بنفس العقاقير التي يُعالج بها الانسان وتكون استجابتها لتلك العقاقير مشابهة.

الكلاب أظهرت استجابات متنوعة لمحاربة الورم وأعراض التهابية جانبية.  يقول زهو أن دراسة حقن بوغ بكتيريا كلوستريديوم نوفي- ن ت في الانسان مستمرة ولكن النتائج النهائية للعلاج ليست متاحة الى الآن. ” نعتقد  أن بعض المرضى ستكون لديهم استجابة قوية أكثر من غيرهم ولكن هذا هو الواقع في جميع الطرق العلاجية, أما الآن نريد أن نعرف كيف سيتحمل المرضى هذا النوع من العلاج ” .

يقول الدكتور زهو: ربما من الممكن الجمع بين طرق علاجية تقليدية أخرى كالكيماوي وعلاج بكتيريا كلوستريديوم نوفي – ن ت، وأضاف قائلاً أن الباحثين قاموا بدراسة جمع العلاجين في الفئران.

اقترحت ستادتكي أن ” بعض هذه الطرق العلاجية التقليدية لديها القدرة على زيادة مساحة الجزء منقوص الأكسجة من الورم وبذلك تجعل الاصابة بالبكتيريا فعالة وتزيد من كفاءة محاربة الورم.  كلوستريديوم نوفي – ن ت عامل يمكن مزجه مع العديد من العوامل الكيماوية والاشعاعية “.

يقول الدكتور زهو ” وأحد ايجابيات استخدام البكتيريا كعامل معالج : أن البكتيريا بمجرد أن تصيب الورم بإمكانها ان تنتج ردة فعل مناعية من الجسم مضادة للخلايا السرطانية في الورم”.

وأشار الى أن دراسات سابقة تم اجراؤها على الفئران أشارت أن بكتيريا كلوستريديوم نوفي – ن ت قد تساعد في تكوين ردة فعل مناعية ممتدة ضد الأورام المنتشرة لفترة طويلة بعد العلاج بالبكتيريا، ولكن هذا التأثير لم يشاهد بعد في دراسة العلاج على الكلاب والانسان.


Johns Hopkins (المصدر الأصلي)

Science Translational Medicine

Comments are closed.