المرأة العربية في ساحتي العلم والاقتصاد

كتابة: الدكتورة ملاك عابد الثقفي.
ترجمة: فاطمة محمد.

لطالما كان العالم العربي في طليعة الابتكار العلمي، بدءاً من الابتكارات العلمية الخاصة بعلماءٍ مشهورين مثل الخوارزمي الذي اختراع الجبر، وابن الهيثم الذي وضع قوانين انكسار الضوء وانعكاسه وكشف المزيد من القوانين الخاصة بالقصور الذاتي وغيرها. ولكن الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية سبقت الدول العربية في السنوات الأخيرة، ولهذا فإن هناك جهوداً لتغيير هذا الاتجاه السائد المثير للقلق عبر قيام المزيد من الجامعات بالشروع في أبحاثٍ شموليةٍ.

لكن مع كل هذا التقدم، لا زالت النساء متروكاتٍ في الخلف، حيث تم التخلي عن المرأة العربية في تبني مجال العلوم والتقنية، كما أنهن يتحكمن بالحد الأدنى من الموارد، بما في ذلك الأموال الشخصية والزوجية. إن النساء يشكلن حوالي نصف عدد السكان في الدول العربية، لذا فإن استبعادهن من العمل يعني اقصاء نصف السكان من الأداء الاقتصادي – الاجتماعي، وهذا سيناريو مزعجٌ للغاية.

إن نسبة مشاركة النساء بمجالات العلوم والتقنية في ارتفاعٍ مستمرٍ مع ازدياد عدد الملتحقات منهن بالجامعة، لكنهن لا زلن يشكلن نسبة صغيرة مقارنة مع الرجال. غير أن الأبحاث أظهرت أنهن يملن أكثر إلى الانخراط في علوم الحياة، بينما تميل أعدادٌ قليلةٌ إلى العلوم القائمة على التقنية. إن للكثير من الدول العربية باعٌ طويلٌ في التمييز الجنسي، كما أن لها عددٌ من الحواجز الثقافية والاجتماعية التي حدّت من مشاركة النساء في التعليم العالي. وتتعقد المشكلة أكثر مع حقيقة أن المناهج الدراسية مصممةٌ بطريقةٍ تفشل في الارتباط مع حياة الإناث اليومية، كما يسيطر الذكور أيضاً على بيئة العمل القائمة على أساسٍ علميٍ، مما يجعل من الصعب على النساء أن يقدمن قيمتهن.

لزيادة نسبة مشاركة النساء في مجال العلوم والاقتصاد، يجب أن تكون هناك جهودٌ متواصلة لتطوير النساء في مراحل التعليم الثلاثة، واستهداف أوجه التفاوت الكبيرة في مستويات التعليم العالي بالتحديد، ويجب أن تنفذ إجراءات إلزامية لتمكينٍ المرأة وزيادة فرص اندماجها في مختلف الأنشطة الاقتصادية، وبالتالي، أن تتحكم بالموارد المالية.

إن الطريقة الوحيدة لانخراط المرأة في الأنشطة الاقتصادية هو امتلاكها لتحكمٍ أكبر بموارد الأسرة والدولة، وبذلك تملك فرصةً لإحداث تغييرٍ إيجابيٍ كبيرٍ على أسرتها، كما يجب أن يُعَزز دور المرأة أيضاً في مجال السياسة والنشاطات المدنية، وذلك لوضعها في موقعٍ أفضل لتكون صانعة للقرار. ويمكن تحقيق مشاركة المرأة في السياسة من خلال بعض الإجراءات الإلزامية التي تحفظ بعض المقاعد الخاصة للنساء كما حدث من قبل في بعض الدول، وتحتاج المرشحاتُ من النساء إلى الدعم من أقرانهن حتى لا يستسلمن في ساحة السياسة الغامضة والتنافسية.

تحتاج الطفلة والمرأة الشابة للتحميس نفسياً لتتبنى المواقف المناسبة التي ستكون ضرورية لنجاحهن، حيث إنهن يحتجن لاتخاذ المواقف المناسبة، امتلاك قدرة التحمل، وأن يأخذن كل الفرص لموضعة أنفسهن استراتيجياً سواء في مجال الاقتصادي أو السياسي.

إن امتلاك المهارات الصحيحة هو شيءٌ مهمٌ، ولكن على المرأة أن تكون قادرة على إنجاز دورها لتخترق عالم الاقتصاد والعلوم والذي يهيمن عليه الذكور حالياً، والذين يرفض بعضهم زيادة مشاركة المرأة فيه. عندها فقط سيكنّ قادرين على المساهمة جوهرياً في بناء المعرفة وتقديم حلولٍ عمليةٍ لمشاكل جمّة، وبذلك يقدمن مساهماتهنّ في مجال العلوم والاقتصاد.

السعودي العلمي

Article Tags

Comments are closed.